القائد قبل الاستراتيجية

كثير من المنظمات نمت بشكل تلقائي وفق ظروف السوق أو المتغيرات التي تطرأ على تلك المنظمات بشكل موجه أو من مجلس الإدارة المتعاقب إذا ما كانت شركة مساهمة، يعكف حاليا كثير من مؤسسات حكومية وغير حكومية على وضع استراتيجيات تقودها إلى تحقيق مستويات جديدة من تطلعات يتم وضعها على ورق، إلا أنها مع الأسف لا تحقق أهدافها المرجوة وفق كثير من الدراسات التي تشير إلى أن معدل نجاح التنفيذ لا يتخطى 10 في المائة.
يجب على قادة الشركات والمؤسسات الحكومية أن يواجهوا تلك المشكلات القائمة بمنهجية واقعية بعيدا عن منهجيات الشركات الاستشارية التي يتطلب تحقيق تلك الاستشارات ظروفا مثالية.
يمثل الموقف الراهن للمنظمة تحديا حقيقيا لأي مسؤول عندما يتولى حقيبة حكومية أو شركة من حيث فهم الواقع كما هو، فنقاشات وقرارات بعض المسؤولين تأتي غير مراعية للوضع الراهن، ما يجعل عمليات التخطيط وقيادة الأعمال غير واقعية.
من واقع خبراتي الاقتصادية والاستراتيجية أرى أن العمل الاستراتيجي المنظم في الشركات والمؤسسات الحكومية يحتاج إلى وقت للنضج قبل أن يصبح واقعا حقيقيا يقود المنظمة، فالتخطيط الاستراتيجي بطبيعته لا يمكن القفز عليه من أول يوم لتحقيق نتائج استراتيجية ذات قيمة حقيقية؛ لأن التغيرات الكبرى في غاية الأهمية لكن كثيرا لا يعرف أن معظم الناس لا يقبلون ذلك أو لا يستطيعون ولا سيما في المنظمات الحكومية أو الشركات المساهمة المترهلة.
تعد فلسفة العمل الإداري للمسؤول التنفيذي الأول أهم من أي استراتيجية شكلية تكتبها بيوت الخبرة؛ فالعمل الإداري المعتمد على الفكر البراجماتي أو الفكر العملي الذي يعتمد على نجاح العمل كمعيار وحيد هو أساس نجاح المنظمات الحقيقي.
شخصيا أمارس العمل الاستراتيجي بشكل يومي إلا أنني أرى أن المسؤول الأول يعد الركن الأساس في نجاح أي استراتيجية ولعل أهم صفات القائد في نجاح أي منظمة أن يكون عمليا يتبع المدرسة البراجماتية العملية في إطار معزز بالأخلاق ومحب الخير للجميع، وصادقا وكريما وواضحا ولبقا في اختيار كلماته دون دبلوماسية، والأهم أن يكون قادرا على تبسيط الأمور ولا سيما عندما يكون هناك فارق مهني ومعرفي بينه وبين فريق عمله، كما أن السمة المشتركة بين القادة الناجحين أنهم يعلنون مبادئهم ومعتقداتهم في كل مرة تتاح لهم الفرصة في الاجتماعات الدورية وفي لقاءات مجلس الإدارة؛ كالتأكيد على أهمية التعاون وتمكين الكفاءات والعدالة ومنح العاملين حقوقهم والتحفيز وعدم التلاعب بنفسيات الموظفين وغيرها من المبادئ الأخلاقية أما على مستوى العمل والإنجاز فيعد نجاح العمل هو المعيار الوحيد لبقاء المديرين.
أخيرا أنصح المنظمات الكبرى التي لا تملك قراراتها الاستراتيجية أو الشركات المساهمة غير الناضجة في التخطيط أن تضع مؤشرات الأداء على المشكلات وعلى الإدارات لتحقيق وظائفها الأساسية؛ وعندما يتحسن الأداء يتم بناء الاستراتيجية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي