رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


المجرم الأبيض في الاقتصاد

الجرائم الاقتصادية أو التي قد يشار إليها بالجرائم المالية وكذلك تسمى بجرائم ذوي الياقات البيضاء ويعد أول من أطلق هذا المصطلح إدوين سذرلاند Edwin Sutherland عالم الاجتماع الأمريكي 1939.
على الرغم من خطورة الجرائم التقليدية وآثارها المالية والنفسية إلا أن تأثيرها في الضحية فقط؛ كسرقة المحال أو المنازل أو أي شكل من أشكال السرقات الانتهازية التي تعد من جرائم الطبقة الدنيا اقتصاديا، أما الجرائم الاقتصادية أو التنظيمية فخسائرها تمس الجمهور والاقتصاد ولها آثار تدميرية في مسائل الازدهار الاقتصادي ومرتكبها ممن يحظى بالاحترام والمكانة الاجتماعية أو الوظيفية.
تعد الرشوة والتهرب الضريبي والزكوي وغسل الأموال وانتهاك الثقة والتزوير وغش المقاولين وعدم الالتزام بالمواصفات أو الاحتيال لتحقيق مكاسب مالية بطرق وأساليب غير مباشرة أو التستر التجاري وتحرير شيكات دون رصيد أو تلاعب مجالس الإدارة أو التنفيذيين بأموال المساهمين أو الاستيلاء على أموالهم بأساليب ومنهجيات ملتوية ومعقدة أو تلك الاتفاقيات السرية التي توجد خسارة أو انهيارا في كيانات اقتصادية أو التلاعب بالفواتير أو الاحتيال في المشتريات أو الاحتيال للحصول على قروض لشركات مساهمة بهدف تحقيق مكاسب مالية شخصية أو إدخال أموال مزورة إلى البنك المركزي عبر مؤسسة مالية وغيرها كثير من الممارسات الاحتيالية المؤذية للاقتصاد أو تلك التي توجد خسائر مالية تؤثر في شريحة واسعة من المجتمع فجميعها جرائم تنظيمية.
تعد الجرائم الاقتصادية أو البيضاء من أصعب الجرائم؛ ويصعب كشفها لأن من يمارسها غالبا يمتلك حيلا وأساليب معقدة يصعب كشفها حتى على المتخصصين؛ لذا غالبا يتم كشفها مصادفة أو من خلال أطراف داخلية في الشركات أو المؤسسات التي وقعت فيها الجريمة الاقتصادية أو عن طريق مؤشرات وسلوك غير طبيعي يظهر في بعض القطاعات الاقتصادية، ورغم ذلك هناك تخصصات تتبع للمراجعة الداخلية في الشركات والمؤسسات العامة معنية بكشف الاحتيال المهني، وبما أنه لا توجد منظمة محصنة ضد جرائم ذوي الياقات البيضاء؛ فإن التشريعات تشدد على أهمية تطبيق مبادئ الحوكمة وإدارة المخاطر ولدى كثير من المنظمات الكبرى خطوط هاتفية للإبلاغ عن تلك الجرائم.
خسائر الجرائم الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية تقدر بـ5.2 في المائة، حيث بلغت خسائر الاقتصاد الأمريكي من جرائم الياقات البيضاء من 500 إلى 895 مليار دولار سنويا وتأتي جنوب إفريقيا على رأس القائمة العالمية في معدل جرائم الياقات البيضاء وبشكل خاص في سلسلة الإمداد، ونظرا لعدم وجود الدراسات الكافية في الدول النامية أعتقد أنها تخسر سنويا 15 في المائة من إجمالي الناتج المحلي بسبب الجرائم الاقتصادية، وهذا ما يفسر قسوة الحكومات على المتورطين في الجرائم الاقتصادية أمام القضاء؛ ولتحصين اقتصادنا من هذه الجرائم نحن في حاجة إلى مرصد وطني للجرائم الاقتصادية، إضافة إلى مشروع قانون متخصص في الجرائم الاقتصادية بمفهومها الواسع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي