محرمات الأمس .. مسلمات اليوم
أمور اعتيادية نتعامل معها يوميا، ويفعلها الناس بكل بساطة، حرمها الإنسان على نفسه في فترة من الفترات، وأهمل عقوله من أجل خرافات لا أساس لها، ومن أغرب تلك الأمور التي حرمها على نفسه، وجبة الإفطار!
يقول عالم اللاهوت توماس أكويناس، إن تناول وجبة الإفطار أو أي شيء صباحا كان يعد تعديا صريحا وصارخا وارتكابا فاضحا لخطيئة "النهم". وفي اعتقادهم أنك عندما تمتنع عن الأكل صباحا وتقاوم تلك الرغبة الجامحة للأكل فحتما ستستطيع كبح رغباتك وشهواتك الدنيوية ومغريات الحياة باقي اليوم!
فساد الامتناع عن الإفطار، وتناول وجبة غداء خفيفة منتصف النهار، وترك الوجبة الأساسية للعشاء، وبمجرد أن عرف الأوروبيون الشوكولا والقهوة تخلوا عن كل ذلك وسمح البابا بالإفطار شريطة أن يكون شيئا سائلا، بعدها تطور الوضع لتصبح وجبة الإفطار شيئا أساسيا، عندما تحرم أمرا محللا، فستجد نفسك يوما تفعله وتنادي به أيضا!
والأحذية الرياضية التي يلبسها الكبار قبل الصغار والشخص العادي قبل الرياضي اليوم، كانت من المحرمات، ويطلق عليها "أحذية الجريمة"، فنعلها المطاطي - أجلكم الله - يجعلها بلا صوت، مقارنة بالأحذية الكلاسيكية، وأغلب المجرمين و"الحرامية" والخارجين عن القانون الذين قبض عليهم في تلك الفترة، كانوا ينتعلون الأحذية الرياضية، فساءت سمعتها، رغم أنه عند ابتكارها لا يرتديها إلا النخبة من الرجال البيض لاعبي التنس!
أما اليهود، فقد حرموا على أنفسهم تناول الخبز، خصوصا خبز البيجلز ذا الثقوب الذي جلبه الألمان معهم عند هجرتهم إلى بولندا، والسبب أن يسوع هو الخبز، ففي العشاء الرباني المقدس يتناول المسيحيون الخبز كمثال على جسم يسوع، ويقولون إنه يتحول حرفيا إلى جسم يسوع الحقيقي عند وصوله إلى المعدة، لذا شعر المسيحيون من ذوي النفوذ أن السماح لليهود بإعداد الخبز أو التعامل معه أمر غير مقبول، فهم أعداؤه.
وكالعادة، يؤخذ المحسن بذنب المسيء، والتعميم في أغلب الأمور، فقد جرم العمل على الآلة الكاتبة ووصمت العاملات عليها أوائل القرن الـ20 بأنهن "قراصنة حب" يخطفن الأزواج من زوجاتهم ويهددن الأسر، بعد أن قاضت زوجة مطلقة الفتاة التي تعمل لدى زوجها وحكم لها بـ 50 ألف دولار تعويضا!
ومن الظريف أن البيوريتاريون في نيوجرسي حرموا قيام أي امرأة بخداع زوج المستقبل باستعمال مواد التجميل والأسنان الاصطناعية والشعر المستعار، أي ما ينطبق على عمليات التجميل اليوم!