تعليمات البلديات .. مشكلات ومقترحات

التعليمات والضوابط الحكومية لأنشطة القطاع الخاص ومراقبة تطبيقها ضرورة، إذ لا يمكن أن تستقيم الحياة بدونها، لكننا إذا دخلنا في التفاصيل وجدنا مشكلات، وللمرء أن يلخصها في ثلاث: الأولى جهل أو غموض وسوء فهم بعض الاشتراطات والضوابط. والثانية مدى حكمة فرض تعليمات بعينها. والأخيرة نقص قدرات ومهارات بعض موظفي الجهة الحكومية المعنية بمراقبة نشاط ما. والنتيجة وقوع أخطاء وأضرار كان من الممكن تلافيها. وسبق أن كتبت مقالا بعنوان "تكاليف التنظيمات الحكومية" نشر في 13/8/2018.
ومن المهم التنبيه على أنني لا أعمم، فحدوث كل مشكلة من عدمه مرتبط بطبيعة وظروف كل حالة بعينها. والمطلوب تقليل احتمال الحدوث قدر الإمكان. وقد قامت الدولة بمراجعة وتعديل أو توضيح بعض التنظيمات. ولمحاولة توضيح ما قلت آنفا، أضرب مثالا حديثا: على واجهات معظم المعارض والمحال لوحات باللغتين العربية والإنجليزية بالصورة الشائعة في بلادنا عبر السنين، فوجئ حديثا عدد من أصحابها عند تقدمهم للحصول على ترخيص البلدية أو تجديده، أن اللوحات عليها ملحوظة ما كانوا يعرفونها أصلا، لأنها ممارسة شائعة على لوحات المحال وغيرها. ما الملحوظة؟ في حال إضافة اللغة الإنجليزية يلزم التعريب وليس الترجمة. والمعنى أن تكتب الاسم بالإنجليزية حسب أقرب نطق بالعربية. مثلا، مسمى "سلامة"، إن رغب صاحب المحل أن يكتبه بالإنجليزية فإنه يكتبه بنحو Salamah ولا يترجمه إلى safety. وتسببت المشكلة في ضياع وقت وتأخير الحصول على تراخيص، والنتيجة مزيد تكاليف وإهدار موارد، ولا ملامة على البلدية لأنها تنفذ تعليمات وردت إليها. وأكاد أجزم أن أغلب القراء لا يعرفون مسبقا معنى عبارة "يلزم التعريب وليس الترجمة". وقد سألت رئيس إحدى البلديات أنه لو عرضت العبارة على طلاب جامعات هل تتوقع أن أغلبهم يفهم معناها؟ فأجاب بالنفي. بل أتوقع أن بعض موظفي البلديات لا يفهمونها أيضا، ودليلي أننا نرى بعيوننا أن أغلب اللوحات المضاف إليها الإنجليزية، وهو وضع شائع، لا تعرب، ورغم ذلك تحصل على ترخيص.
أرى أن العبارة بحاجة إلى مراجعة، لأكثر من اعتبار، أذكر منها أنه يصعب جدا، خاصة على غير الناطقين بالعربية، معرفة كثير من تلك المسميات الوصفية لو كتبت بطريقة التعريب. ربما كان اسم الطريق الدائري أقرب مثال لما أقصد. ومن ثم نراه يترجم ولا يعرب. واعتبار آخر أن بعض المسميات اشتهرت باسمها الإنجليزي، ويدخل في ذلك كبريات شركات الدولة كـ"أرامكو" و"سابك".
ما سبق مثال؛ لأن المشكلات الثلاث التي ذكرتها في أول فقرة، موجودة في عدد من تنظيمات وتعليمات صادرة من أجهزة حكومية. ولها تكاليف. وطبعا لا يمكن القضاء التام على تلك المشكلات، لكن من الممكن تخفيفها إلى أدنى حد ممكن. وهنا مقترحات تساعد على هذا التخفيف.
هذه المقترحات دون شرح وتفاصيل. وهي ليست على سبيل الحصر طبعا. ولا شك أن المسؤولين في الوزارات المعنية خاصة الشؤون البلدية والتجارة والعمل لديها حرص على تشجيع ودعم نمو القطاع الخاص، خاصة منشآته الصغيرة، لما في ذلك من فوائد جمة للاقتصاد ومكوناته وتوظيف أبنائه. وهو هدف أساسي لـ"الرؤية".
1. بناء طريقة أكثر فعالية في تفهم مرئيات كل نشاط من القطاع الخاص عند الرغبة في وضع أو تعديل تعليمات تخصه، أو للتعرف على ما يواجهه من مشكلات قائمة أو محتملة. وتزيد أهمية المطلب مع "الرؤية" وما تستهدفه من تحفيز للقطاع الخاص، وخطوات تنفيذ مبنية على الكفاءة وجودة الفهم والآثار والمؤثرات.
2. وضع تعليمات كل جهة حكومية موجهة للقطاع أو لنشاط منه، في موقع الوزارة أو الجهة المعنية.
3. توضيح وشرح واف للتعليمات بكل وسيلة. ولا يكتفى بالكلام، بل تستخدم أيضا الرسومات ومقاطع الفيديو. لأنه ملاحظ أن الناس تكسل عن قراءة التفاصيل.
4. الترتيب الفعال لربط كل منشآت أي نشاط بالتعليمات والأنظمة الضابطة للنشاط. على سبيل المثال ربط كل محال الدعاية والخط مع تعليمات الدولة الخاصة باللوحات والدعايات. وتفهرس التعليمات حسب الأنشطة وحسب اعتبارات أخرى.
5. ربط الأنشطة والتراخيص التي لا تتطلب سجلا تجاريا أو اشتراكا في الغرفة، بطريقة ما مع التعليمات.
6. عدم الهرولة في طلب تصحيح خطأ انتشر وشاع مع السنين.
7. التأكد من إجادة موظف الترخيص والرقابة الحكومية طبيعة النشاط الذي يراقبه. يتم ذلك مثلا عبر حصوله مسبقا قبل توظيفه أو ترقيته على اختبار في فهم النظام والتعليمات المطلوب منه مراقبة تطبيقها. ويسبق الاختبار حصوله على تدريب عملي كاف لطبيعة النشاط الذي سيكلف بالترخيص له و/أو مراقبته.
8. التعاون مع جهات كالجامعات والمؤسسة العامة للتعليم والتدريب المهني والهيئات المهنية لعمل كل ما يمكن عمله، ويساعد على تحقيق المتطلب السابق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي