خروج بريطانيا
الاتحاد الأوروبي وبريطانيا يسعيان إلى معالجة أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفق أسس اقتصادية وسياسية واجتماعية معقدة، إلا أن الأثر الاقتصادي في الاستثمارات وحركة القوى العاملة والموارد البشرية سيكون أكبر المتأثرين.
النظام الضريبي في الاتحاد الأوروبي يسعى إلى معالجة التسويات الضريبية بما يعادل 50 مليار دولار، ولذا تسعى دول الاتحاد إلى منع حصول الانسحاب الأعمى الذي قد يؤدي إلى أزمات وضربات اقتصادية وسياسية إذا لم يتم وضع إدارة المخاطر الاستراتيجية المتوقعة على قائمة الاتفاقية.
منذ الاستفتاء على الخروج كان أول التأثيرات هو التضخم البريطاني وكان له انعكاسات على المقيمين في بريطانيا، حيث يعيش في بريطانيا ثلاثة ملايين مواطن أوروبي مقابل مليون بريطاني في الاتحاد، إضافة إلى أن بريطانيا تعتبر من الدول ذات المستويات السعرية المرتفعة أصلا إضافة إلى أن القطاع العائلي البريطاني يعاني ارتفاع فاتورة الديون بشكل عام كما أن الخروج سيكون له أثر في مستوى دخل الفرد وبالتالي تراجعت معدلات نمو الادخار أو حتى الرواتب السنوية للأسرة البريطانية ما لم تتحرك الحكومة لتعويض ذلك عن طريق سياسات اقتصادية على المستوى الخارجي واستثمار الشركات البريطانية.
أما على مستوى الاستثمارات للشركات الأجنبية فقد تقلصت بشكل ملحوظ وكجزء من العمليات الأساسية في إدارة مخاطر الخروج فقد قامت المصارف الأوروبية بخفض أصولها في بريطانيا بمقدار 350 مليار يورو وما زال الأمر مستمرا حتى من المصارف غير الأوروبية، ما جعل النقد داخل بريطانيا أمام تحديات أكثر قسوة من الناحية الاقتصادية.
وكما أن القطاع المالي البريطاني سيكون له نصيب الأسد من الأثر الاقتصادي بما في ذلك الجنيه الاسترليني والأسواق المالية وسنرى الأسواق المجاورة أكبر المستفيدين من حركة الخروج في أسواق الأسهم وستكون فرانكفورت أكبر المستفيدين من ذلك لأن الاستثمارات الأوروبية والأجنبية قد تذهب للأسواق الألمانية ولا سيما سوق المال، فخروج بريطانيا حاليا لن يحقق مكاسب اقتصادية على المدى القصير.
كما أن عملية الانسحاب ستلقي بظلالها على القطاع العقاري ولها تأثر بشكل متصاعد منذ استفتاء الخروج أول مرة، وكما أن الاتحاد الأوروبي يرتبط بقطاعات اتفاقيات مع الاقتصادات خارج أوروبا على مستوى قطاع الطيران والخدمات اللوجستية وغيرها من الاتفاقيات التجارية، لذا الاتفاقيات التجارية ستكون في مرمى التأثير الاقتصادي المباشر وسيجعل "المركزي البريطاني" أمام تحديات توفير التمويل ومنع أي صدمة مالية قد تظهر في القطاعات الاقتصادية المختلفة علاوة على موضوع التضخم الذي سيكون أكبر مؤثر في صوت الشارع في لندن.
مشروع الاتحاد الأوروبي يحاول أن يجعل من خروج الأعضاء أمرا غاية في الصعوبة من حيث التسويات القانونية والاقتصادية وكذلك السياسة، ورغم ذلك فإن خروج مزيد من الدول أمر وارد ولا سيما إذا تعلق الأمر بمسائل الإنقاذ الاقتصادي للدول الأصغر من حيث الحجم والاقتصاد، إلا أن إطالة أمد الخروج في مصلحة الجميع.