مشروع ردم فجوة التصدير

تنويع الاقتصاد يتطلب مشاركة المصارف في تنفيذ السياسات الاقتصادية، التي تتطلب تمويلا من المصارف التجارية. إن النظام المصرفي ليس مستودعا للأموال والربح الخالي من مخاطر الأعمال، المصارف المحلية عليها واجب القيام بدورها الاقتصادي الحقيقي في نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فعند مقارنة المصارف المحلية بالأوروبية أو الأمريكية أو حتى الصينية في تمويل الأسواق الداخلية والتجارة الخارجية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة - تظل مصارفنا الأقل على الإطلاق؛ حيث إنها لم تتجاوز 5 في المائة.
تتسابق الدول الصاعدة على الانفتاح على التجارة الخارجية والاستثمار الأجنبي؛ لذا فإن مفتاح نجاح التجارة الخارجية يعتمد على جودة التمويل من المصارف للأسواق الداخلية، وبشكل خاص للمؤسسات الصغيرة، ورغم ذلك؛ هناك طبيعة لكل نموذج اقتصادي، فمثلا تمويل المشاريع الاستثمارية الصناعية ذات الطبيعة الهيدروكربونية يعد أفضل من تمويل مشاريع أخرى هامشية، ونعزو ذلك إلى أمور فنية تتعلق بتحليل الفرص الاستثمارية والفرص البديلة لتحقيق أفضل عائد من تلك الاستثمارات.
في ظل كل تلك المعطيات علينا تحقيق التوازن الاقتصادي، عن طريق رسم سياسات متخصصة لتنمية الصناعات الصغيرة التصديرية غير النفطية بقروض قصيرة، كتمويل الرواتب، أو المواد الخام، أو استيراد بعض المعدات الإنتاجية، وغيرها من متطلبات العمل الصناعي، وكما نعرف فإن جودة الائتمان للقروض القصيرة ليست مشكلة أو خطرا يمكن التحوط منه بشكل مفرط من المصارف كما يحصل مع القروض طويلة الأجل، ثم إن المصارف تقوم ببناء احتياطاتها المالية بشكل بطيء في القروض العقارية، وما يرافق ذلك من تكاليف لخدمة الدين على القطاع العائلي في تمويل المساكن، الذي أصبح عبئا على المجتمع، وعلى المال الوطني المتوافر في المصارف على المدى الطويل.
مصارفنا الوطنية تحتاج إلى المضي قدما في تمويل الشركات والمؤسسات الصغيرة وفق نسب مخاطر مرتفعة، مع ضرورة التكامل مع الجهات المنظمة للقطاعات الصناعية الخفيفة والمتوسطة؛ لدراسة المخاطر الاستراتيجية، وبناء سجل خاص لكل صناعة، وتبادل تجارب التمويل، ومعالجة المشكلات الناشئة وفق منهجية تتفق عليها جميع الأطراف المعنية بملف تمويل المنشآت الصناعية الصغيرة الموجهة إلى التصدير الخارجي.
القطاع المصرفي يحقق أرباحا قوية؛ بسبب انخفاض التكاليف التنظيمية، وتطور الكفاءة التشغيلية، وتدني التعثرات، وانخفاض تكاليف الودائع، بما في ذلك مشاركته في خدمة المجتمع بطريقة مستدامة، وفي الوقت نفسه ما زال القطاع يزيد من التحوط المفرط في تمويل مؤسسات الأعمال الصغيرة والمتوسطة رغم وجود الدعم الحكومي.
نرى أن السيناريو المحتمل والأكثر واقعية في معالجة فجوة تمويل الصناعة سيكون من خلال تضافر الجهود في التمويل قصير الأجل، والدعم الحكومي المشروط على المصارف، كنمو محافظ التمويل الصناعي، وزيادة معدلات قبول المخاطر لدى المصارف التجارية، وفي حال ظهور أي إخفاق يتم التدخل لمعالجة الأسباب وليس إيقاف مشروع ردم فجوة التصدير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي