رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الشركات الناشئة .. تأريخها ومستقبلها «2 من 2»

بدأت رحلة ثلاثة قرون ونصف على الطريق إلى الهند، قامت خلالها شركة إيست إينديا، "الشركة التي أسسها 24 تاجرا ساخطا"، بالتجارة مع البلاد، وأسست جيشا لحماية تجارتها، وفي النهاية استخدم هذا الجيش في استعمار الهند.
هناك قصة أخرى مشابهة عن الشركات الناشئة؛ حيث كانت نقطة الانطلاق لحصول الهند على حريتها. تم إلقاء محام شاب يدعى موهانداس كرمشاند غاندي من عربة الدرجة الأولى في قطار في جنوب إفريقيا؛ كونه هنديا. وتعهد وقتها بإنهاء هذا التمييز، أولا في جنوب إفريقيا ومن ثم لاحقا في الهند. استطاع مهاتما غاندي باستخدام طرق غير تقليدية، طرد الإمبراطورية البريطانية، وتأمين الحرية الكاملة إلى الهند.
نجد مما سبق أنه قد تكون بدايات الرحلات الكبرى أو العادية متواضعة جدا؛ لذلك تحتاج إلى نقطة البداية لتكون واضحة، وليس بالضرورة رائعة.
من واقع خبرتي، معظم الشركات الناشئة المفعمة بالطاقة تقع في خطأ السعي وراء أهداف عدة. وكما هو الحال مع الروايات، فإن الوقت عامل مهم بالنسبة للشركات الناشئة، ومن الأفضل إنجاز الشيء الأهم الذي يساعدها على استكمال القصة المقبلة. وبإمكانك دائما كتابة "تتمة"، شريطة كتابة القصة بشكل صحيح.
من واقع خبرتي فإن القصص العظيمة متى بدأت تكمل نفسها، وتكتسب الظروف والشخصيات حياة خاصة بها مع مرور الوقت، وتقع على عاتقها مهمة إعطاء الرواية زخما لا ينضب، ويحد ذلك من دور المؤسس، ولكن ليس بشكل كامل، فبدلا من أن تكون مؤلفا للرواية، تصبح جزءا منها.
ليس من السهل التخلي عن وهْم السيطرة، ولكن يتطلب من مؤسسي الشركات الناشئة أن يصبحوا في نهاية المطاف موظفين أكثر من كونهم مديرين، وعليهم أن يسمحوا للشركة بأن تكون لها هويتها الخاصة، المحكومة جزئيا بأهدافها "التي اتفق عليها فريق المؤسسين" والجزء الآخر، بالدوافع الحالية، التي ستتجلى في النهاية بطريقة تفاعل فريق العمل، والموارد والفرص والتهديدات. فبمجرد التخلي عن أسلوب متابعة الأعمال عن كثب، تنبثق الفرص بشكل يفوق جميع التصورات.
وأخيرا، في كل قصة عظيمة، تسير الأمور نحو الأسوأ قبل أن تشهد تحسنا ملحوظا. فلابد أن تختبر العتمة قبل أن ترى النور الذي يعطي الشعور بالفرح المطلق للقارئ.
كما يكون ثمن المجد الشخصي في الروايات العظيمة مكلفاً جدا، وحصيلة جهد استثنائي. وبالمثل، ففي الشركات الناشئة الناجحة، يتطلب المجد الشخصي، "الحافز الأول لكثير من مؤسسي الشركات الناشئة"، أن يكون مكتسبا، ويأتي بعد صعوبة بالغة. فالمجد الشخصي لا يمكن أن يشترى قط بثمن بخس. وسبق أن قال الراحل سومانترا جوشال، وهو أستاذ سابق في كلية إنسياد: "التحول من يرقة إلى فراشة يعطي شعورا جيدا، ولكن تخيل ما يحدث لليرقة خلال عملية التحول. فأولاً تصاب بالعمى، ومن ثم تخسر أقدامها، وأخيرا، يتشقق جسدها ليسمح للأجنحة الجميلة بالظهور. بالتفكير في كل هذا الألم والخوف الذي تمر به، فأي يرقة ستختار اجتياز ذلك بملء إرادتها لتقوم بعملية التحول هذه".
قد نواجه الخوف والألم دون أن نتوقع ذلك، ولكن عند المواجهة تظهر غريزة البقاء، وتساعدنا على "اغتنام الفرص".
هناك أربعة أشياء يجب على الشركات الناشئة فعلها: أولا، بناء فريق عمل يتسم بالمهنية، وتقبّل الاختلافات الفكرية. تعرف على الوجه الحقيقي لأعضاء فريقك بعيدا عن الأقنعة الاجتماعية التي يرتدونها. ثانيا، التفكير في حبكة مقنعة، ونقطة بداية ونقطة نهاية؛ فالطريق لن يكون واضحا في حال كانت النهاية كذلك. ثالثا، اسمح لشركتك بأن تكون لها هويتها الخاصة ضمن الحدود التي رسمتها. رابعا، المجد الشخصي لا يأتي بسهولة. ليس المطلوب من الأشخاص أن يتحلوا بالشجاعة، ولكن يحتاج مؤسسو الشركات إلى العزيمة إذا ما جاءت الريح بشكل معاكس، على أمل أن يكون لديهم فريق عمل يساعدهم على اجتياز هذه الرحلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي