عبدالله الفوزان: موازنة 2019 تؤكد أن الكفاءة المالية في المسار الصحيح
لا شك أن موازنة المملكة الأضخم والأعلى في تاريخها دليل واضح على مدى التزام المملكة ونيتها المضي قدما في تنفيذ برامج "رؤية 2030" لتحقيق المستهدفات المالية والاقتصادية.
ومن خلال بيان الموازنة العامة للدولة في هذا العام نستطيع القول: إن الكفاءة المالية أو التوازن المالي يسير في المسار الصحيح، فمن خلال مقارنة إجمالي الإيرادات وإجمالي النفقات يتضح أن نسبة العجز من الناتج المحلي هي 4.6 في المائة، وهي نسبة متوافقة مع التوقعات، والخطط الموضوعة لتحقيق أهداف التوازن المالي في 2023. والزيادة المتوقعة في حجم النفقات إلى 1,106 تريليون بـ 7,3 في المائة أكبر دليل على أن هذه الموازنة هي موازنة توسعية بلا شك، ومجموع الإنفاق الرأسمالي سيتجاوز 260 مليار ريال، إضافة إلى تحسن في الإيرادات بـ9 في المائة من 895 مليارا إلى 975 مليار ريال؛ حيث من المتوقع أن تصل الدولة إلى أعلى نسبة نمو في إجمالي الإيرادات إلى تريليون، ويمثل الدخل من الإيرادات غير النفطية وهو 31 في المائة من إجمالي الإيرادات.
وأضاف "الموازنة قامت على ثلاث ركائز أساسية، أولاها إدارة أفضل للموارد المالية من دون إيجاد أي أعباء أو ضرائب جديدة، وإنما المساهمة في الحصول على دخل أفضل من استغلال الموارد، بما في ذلك رفع كفاءة التحصيل بشكل عام، والخروج من الفكر القديم إلى الفكر الحديث المبني على النظرة المستقبلية في حل المشكلات القائمة بأفضل الطرق، وقد ظهر ذلك جليا في موضوع حل الحسابات الحكومية مع شركات الاتصالات، إضافة إلى الدور الفعال الذي تقوم به الجمارك والهيئة العامة للزكاة والدخل كذلك في تحسين وتسريع حركة البضائع، واستخدام التكنولوجيات الحديثة في تحصيل موارد الدولة.
والركيزة الثانية في الموازنة هي منظومة الحماية الاجتماعية؛ حيث لاحظنا أن هناك توجها في التركيز على حساب المواطن، ودمج جميع الجهود في منظومة الحماية الاجتماعية لدى جميع الجهات ذات العلاقة في منصة واحدة، ستسهم بلا شك في المساعدة على توجيه الدعم إلى مستحقيه من المواطنين بالشكل الذي يؤدي إلى تحسين مستوى المعيشة.
والركيزة الثالثة هي تطوير البنية التحتية والتجهيزات الأساسية والإنفاق الرأسمالي، حيث ستمثل هذه الموازنة نقلة نوعية، من خلال التركيز على الإنفاق الرأسمالي في المشاريع الحيوية والبنية التحتية التي ستسهم - بإذن الله تعالى - في إعادة كثير من القطاعات كقطاع التشييد والبناء والخدمات والسياحة للاستفادة من الإنفاق الرأسمالي ورفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
وقد أكدت الموازنة كذلك وضوح منظومة تحقيق "رؤية 2030" في 12 قطاعا، إضافة إلى القطاع الـ13 المضاف إليها بمبالغ مؤكدة وموضحة في السنوات المقبلة تقدر بـ700 مليار ريال، تم تخصيصها لكل قطاع، وبمدد زمنية يمكن قياس نتائجها بشكل دقيق؛ حيث يتضح من خلال ذلك أننا وصلنا إلى مرحلة مقبولة نوعا ما في عمليات التخطيط المالي، وجاء وقت التنفيذ بشكل واضح وشفاف، مع اعتماد الدولة الطرق المناسبة والآليات في حال وجود أي تعديل طارئ أو عقبة؛ وهذا لا يعني أن نتسرع في البحث عن النتائج؛ لأن أي عملية إصلاح ستأخذ دورتها الاقتصادية كما ذكرت سابقا، فإذا نظرنا إلى الأرقام والمؤشرات والتوازن المالي المستهدف في 2023 ستكون إيراداتنا ومصروفاتنا متوازنة، وللوصول إلى ذلك ينبغي أن تكون سياسة التخطيط المالي وإدارة الموارد المالية تسير بخطى ثابتة؛ حيث من غير المهم التركيز على الوقت الذي سنحقق به التوازن المالي، بل من الأفضل أن نركز على تنفيذ المشاريع وإدخالها للتشغيل والاستفادة من إيراداتها، حيث من المأمول أن نصل في 2023 إلى تريليون دولار في إجمالي الناتج المحلي، وسنكون حينها قوة إقليمية اقتصادية في المنطقة والعالم.