الرابحون والخاسرون من إفلاس الشركات «1»
يعد الإفلاس أهم جزء في الأزمات الاقتصادية، فعندما تعجز الشركات عن سداد ديونها، تعمد إلى الإعلان عن الإفلاس كحالة طارئة، ولعل أشهر طرق معالجة الإفلاس هي التصفية أو التسوية، ومفاوضة الدائنين، وإعادة هيكلة الديون، وهذا أفضل ما يمكن عمليا.
إعلان حالة الإفلاس يحمي أموال المصارف ومؤسسات التمويل وحاملي السندات، إضافة إلى أن الإفلاس يحمي الشركة نفسها من سوء تقييم الأصول قبل الخروج من السوق وبأقل خسائر ممكنة.
عندما نستعرض أهم مسببات إفلاس الشركات، نجد أن هناك أمورا تتعلق بالوضع الاقتصادي العام، وأخرى تتعلق بإدارة الشركات. فمثلا، تعد سياسات القروض والتمويل من المصارف من أبرز المسببات، ولا سيما عندما يقترن ذلك بسياسات حكومية، أو بتغييرات جوهرية في الهيكل الاقتصادي تهدد الديون، أو عندما تفشل الشركات في المنافسة لأسباب خارجية. أما على المستوى الداخلي للشركات، فلا يوجد أمر يسرع من موت الشركات وإفلاسها، كالفساد واستغلال موارد الشركة من مجلس الإدارة أو الإدارة التنفيذية؛ بسبب سوء الإدارة، وغياب أو تجاهل سجل المخاطر الاستراتيجية، أو الإفراط في توقع المستقبل، وبشكل خاص إذا ترتب على ذلك طلب قروض كبيرة، أو شراء أصول غير ضرورية، أو دخول الشركة في منتجات وخدمات بشكل خاطئ، أو تم وضع خطط استراتيجية على أسس وبيانات غير صالحة للتخطيط الاستراتيجي.
الإفلاس أمر قادح في السمعة التجارية؛ لذا فإن أول الخاسرين هم: المالك، ومجلس الإدارة، والإدارة التنفيذية على المستوى المهني، إضافة إلى أن المستثمرين قد يفقدون رأس المال.
لا يمكن أن نقول إن الإفلاس مؤشر صحي، لكن أولى الجهات الرابحة من حالات الإفلاس هي الاقتصاد العام، عند خروج الشركات التي لا تضيف قيمة إلى الاقتصاد؛ ستتيح للسوق التخلص من الشركات غير الفعالة، وإعادة تخصيص رأس المال للشركات ذات الكفاءة، ونشوء فرص استثمارية لظهور منافسين جدد. وغالبا تتجاهل الجهات المنظمة للسوق مساعدة تلك الشركات، ولا سيما إذا كان لدى تلك الشركات تاريخ سيئ من الممارسات الضارة، كالاحتكار أو الفساد، وأنها لا تضيف إلى الاقتصاد أي قيمة، وهذا ما يعرف بالتجاهل المحمود، أما في حالة إفلاس المصارف أو الشركات التي تضيف إلى الاقتصاد قيمة، كنقد أجنبي أو وظائف للمواطنين، فإن الحكومات تتدخل بشكل قوي؛ لمنع اندلاع أزمات قد تؤدي إلى كوارث اقتصادية، كما حصل بعد أزمة الرهن العقاري عام 2008 مع "الثلاث الكبرى Big Three: جنرال موتورز، وكرايزلر، وفورد للسيارات في الولايات المتحدة؛ لأن تجاهل إنقاذها قد يؤدي إلى فقدان ثلاثة ملايين وظيفة، وغالبا ما تستخدم الحكومات الأموال الاحتياطية أو الضرائب للإنقاذ، وإذا لم تر الحكومات أن إفلاس تلك الشركات يمثل خطرا، فإنها لا تتدخل غالبا؛ لأن التدخل المفرط يؤدي إلى تهاون الشركات في التعاطي مع الديون أو زيادة معدلات التلاعب.