التفكير الإيجابي
يقع كثيرون منا في إشكالية السلبية التي تفقدهم القدرة على قبول الفكر المختلف، وعندما تحدثنا عن العقلانية لم يظهر في السياق أي تعبير يدل على السلبية أو يشير إليها، ذلك أن الإيجابية تسمح لنا أن نكون منفتحين على كل شيء، وبهذا نتمكن من إقناع الآخرين بما نراه صحيحا أو نتقبل وجهة النظر الأصح. هذا يستدعي أن يكون الواحد منا على قدر كاف من المعرفة والعقلانية وفي مستوى من يناقشهم، وهو ما يجعل الحقائق تسيطر وليس الألفاظ التي يعتمد عليها من يتحكم في النقاش.
هذه الإشكالية تظهر عادة في القضايا التي يناقشها الناس وهم في مستويات غير متوافقة، هنا تظهر القناعات التي بنيت على غير حكمة، إنما كانت نتيجة المتوارث من المفاهيم أو نتيجة عناصر غير الاقتناع المبني على البينة. نجد كثيرا من القضايا التي تبعد الناس عن بعضهم بسبب السلبية في تقبل المختلف ومحاولة إثبات ما لا يثبت بالمنطق والعقل والدلائل التي يمكن نقاشها.
صحيح أن هناك كثيرا مما نختلف فيه في المجتمعات العربية بسبب تأثير الأفكار المتوارثة التي لم تخضع للنقاش والتمحيص لقرون طويلة، والمؤسف أنه حتى مع أساتذة الجامعات تجد نفسك تستغرب من تبني فكر غير منطقي، ويخالف النصوص والحقائق العلمية التي يمكن أن تربط بها هذه القضايا المختلف عليها.
يوجد الأمر كثيرا من الحساسيات، والمهم أن نبتعد عن السلبية فيما يتعلق بالتعامل مع الفكر والشخص المخالف، لأنه من دون الإيجابية لن نستطيع أن نقنع الآخرين بما نراه حقيقة كالشمس الساطعة في رابعة النهار. القدرة على جذب الآخرين إلى صفنا تبدأ من الإيجابية.
كثير من الفلاسفة وأساتذة التغيير المجتمعي يبدأون الحوار بإثبات احترام الآخر، واعتبار الاختلاف حقيقة ووسيلة للتقارب والتفاهم والحوار، حتى إنهم لا يعطون الانطباع عندما يرون خطأ المخالف، إنما يعطون الانطباع بأنهم سيتعلمون من مخالفيهم ويرغبون في أن يتعلموا من خبرتهم وتجاربهم، وهذا أمر يحقق كثيرا من النجاحات في جذب المخالفين في الآراء، حتى أن كثيرا من المنظمات العالمية والجمعيات التي تتخصص في التأثير على الرأي العام تجعل من هذه الوسيلة الطريقة الأمثل لاختراق المجتمعات المخالفة لتحقق من خلال الاختراق التغيير الذي تبحث عنه.