رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الشرق الأوسط في حالة تغيير .. حان وقت التحرك «2 من 3»

تبذل الحكومات جهودا لتنشيط التجارة والاستثمار، ولحسن الحظ، تساعد زيادة النمو العالمي والابتكارات التكنولوجية العالمية على إيجاد بيئة مواتية للإصلاحات. وسيستغرق الأمر وقتا حتى تتحقق النتائج، ولذلك ينبغي أن يسارع صناع السياسات بالتحرك العاجل وليس الآجل، واغتنام فرصة تعزيز الاستقرار الاقتصادي، وتشجيع النمو بما يعود بالنفع على المجتمع ككل.
وينبغي أن تعمل الحكومات على وضع وتنفيذ جداول أعمال للنمو الاحتوائي، أي خطط عمل للمدى المتوسط توفر حلولا عملية للأولويات الملحة، وتساعد على استعادة ثقة المستثمرين والمواطنين. وهناك خمس روافع سيكون دورها حيويا في هذا الخصوص: سياسة المالية العامة السليمة، والشمول المالي، وإصلاح سوق العمل والنظام التعليمي، وتحسين الحوكمة، وتعزيز مناخ الأعمال. وسيؤدي هذا المنهج أيضا إلى تمكين الحكومات من إعادة النظر في نماذج النمو التي تعتمد عليها والانتقال بالتدريج إلى تنفيذ عقود اجتماعية أكثر عدالة، مع الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الكلي. والخطوة الأولى هي وجود رؤية تلهم المواطنين، على أن يعقبها تحديد الأهداف ووضع استراتيجية لتحقيقها.
ولا تزال إصلاحات المالية العامة أهم رافعة من روافع السياسة لتشجيع النمو الاحتوائي. ويمكن للبلدان التي تمتلك هوامش وقائية أكبر في ماليتها العامة ومستويات مديونية أقل أن تقوم بتخفيض العجز تدريجيا، لتجنب تعطيل النمو بلا داع. أما البلدان التي تعاني عجزا كبيرا ومستويات مديونية مرتفعة، ينبغي أن تكثف جهودها المبذولة لتخفيض العجز.
من الطرق الممكنة لتخفيض العجز تعبئة مزيد من الإيرادات من خلال توسيع القاعدة الضريبية. ويبلغ متوسط نسبة الضريبة إلى إجمالي الناتج المحلي في المنطقة أقل من 10 في المائة، وهي نسبة منخفضة مقارنة بمتوسط الأسواق الصاعدة الذي يبلغ 18 في المائة. وسيساعد في هذا الخصوص أيضا تخفيض الإعفاءات ومكافحة التهرب الضريبي وتطبيق ضرائب أكثر تصاعدية على الدخل الشخصي، إضافة إلى تقليص فاتورة الأجور الباهظة في القطاع العام. ويشكل كل هذا نحو 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في دول مجلس التعاون الخليجي الست، مقارنة بمتوسط 6 في المائة في الاقتصادات الصاعدة والنامية ككل. وسيساعد تضييق الفارق بين أجور القطاعين العام والخاص على استيعاب 27 مليون شاب من المتوقع دخولهم سوق العمل في السنوات الخمس المقبلة، علما بأن كثيرا من الشباب المؤهلين يفضلون البقاء دون عمل لفترات طويلة في انتظار توافر وظائف مجزية في القطاع العام.
وقد أوضحت تجربة بعض البلدان بالفعل أنه يمكن استخدام الوفورات التي تحققها مثل هذه الإجراءات لزيادة الاستثمار والإنفاق على الخدمات الاجتماعية الضرورية. فهناك 11 بلدا استعاض عن دعم الوقود الذي يطبق على كل السكان بتحويلات نقدية موجهة إلى الفقراء. ومن بين هذه البلدان مصر، التي رفعت التحويلات النقدية الموجهة بمقدار عشرة أضعاف لتصل إلى 1.7 مليون أسرة على مدار عامين. لكن التقدم متفاوت، وثمة حاجة إلى زيادة الإنفاق الاجتماعي لتحقيق تحسن ملموس في النمو ومستويات المعيشة على المدى المتوسط. وسيساعد في هذا الصدد التعجيل ببيع الشركات المملوكة للدولة ــ وكذلك اختيار وإدارة مشروعات تحقق عائدا اقتصاديا كبيرا لتحسين جودة الاستثمارات العامة.
ومن خلال زيادة فرص التمويل، ستقطع هذه البلدان شوطا طويلا نحو تشجيع نشاط القطاع الخاص. فنحو ثلثي السكان لا يملكون حسابات مصرفية، كما تبلغ نسبة القروض المصرفية التي تقدم للشركات الصغيرة والمتوسطة 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهي من أقل النسب على مستوى العالم. ومن شأن تحسين إمساك الدفاتر في الشركات أن يزيد من فرص الحصول على التمويل، لأنه يتيح للمصارف تقييم المخاطر الائتمانية بسهولة. كذلك ينبغي تحقيق مزيد من التطور في أسواق رأس المال حتى يسهل على الشركات الحصول على التمويل من خلال الأسهم والدين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي