السكن وإشكالية المطورين
ينطوي تمويل مساكن المواطنين بقروض عقارية ذات تكلفة مرتفعة على آثار غير مرغوبة اقتصاديا؛ لأنها ستؤدي إلى تآكل دخل الأسرة المتاح للاستهلاك والادخار والاستثمار. حديثي اليوم عن نهج بسيط لزيادة ملكية المساكن لجميع المواطنين، واحتواء العجز في تملك المساكن.
تم تخصيص مبلغ إضافي لدعم مساكن المواطنين بقروض مجانية للمطورين العقاريين بلغت 39 مليار ريال، مع التركيز على العقارات التي يراوح سعرها بين 250 و750 ألف ريال، وتم تقديم أراض مجانية للمطورين، إلا أن مسألة تحفيز النمو من خلال المطورين لم تأت بنتائج مشجعة يمكننا اعتمادها كمنهجية لحل نقص ملكية السكن.
يجب أن ننظر إلى الاقتصاد الوطني بنظرة شمولية دون تجزئة، وبما أن دخل الأسرة يعد محركا أساسيا في نمو جميع القطاعات، ومؤشرا على صحة الاقتصاد؛ يتطلب من المسؤولين عن رسم السياسات الاقتصادية مراقبة دخل الأسرة، والتأكد من استقراره، وحمايته من أي سياسات غير ملائمة قد تؤدي إلى ضعفه أو تأثيره في الرفاهية الاجتماعية، ثم إن أي منهجية أخرى لا تعتمد على مراقبة دخل الأسرة في تحقيق التوازن بين الجميع قد تكون طريقة معقدة للغاية.
يجب أن يتكيف العقار مع السياسات الاقتصادية الجديدة، التي تراعي نمو القطاعات على قدم المساواة، دون أن ينفرد قطاع بدخل الأسرة، كما حدث خلال الفترة الماضية حين استحوذ قطاعا المصارف والعقار على نسبة فاقت 70 في المائة من دخل بعض الأسر السعودية، وأدى ذلك إلى ارتباك في نمو سوق العقارات السكنية، وتراجع شريحة واسعة من أصحاب الدخل المتوسط عن شراء الأراضي والمساكن، وأصبح القطاع الاستهلاكي كسوق التجزئة والترفيه يراقب الوضع المالي للأسرة تحسبا لحدوث أي اختلالات قد تطرأ على ما تبقى من دخل الأسرة.
أعتقد أن سوق العقار السكني يحتاج إلى حلول اقتصادية وليست حلولا مالية ائتمانية، قد تكون مربكة لنمو القطاعات التي تعتمد على دخل الأسرة، مثل التأمين والتجزئة والصحة والخدمات العامة والكهرباء والمياه والاتصالات والتعليم.
نحن بحاجة إلى منح المواطنين أراضي حكومية مجانية بدلا من منحها للمطورين، أو على الأقل بيعها للمواطنين بسعر مدعوم يصل إلى 80 في المائة من سعرها الحقيقي، والاستفادة من عوائد بيع تلك الأراضي في تطوير البنية التحتية؛ لأن هناك عددا كبيرا من الأسر متوسطة الدخل قادرة على البناء الذاتي عند توافر الأراضي المطورة، ومن دون أي قروض عقارية، وإنما من خلال الادخار والقروض الشخصية المتكررة على مدى 12 سنة.
ثم إن توجيه رسوم الأراضي البيضاء لتجهيز البنية التحتية، وفرض رسوم مالية على المضاربين في الأراضي السكنية، سيسهمان في سرعة إنشاء البنية التحتية للأراضي الممنوحة للمواطنين، وسيوجه الدعم المالي إلى الأسر بدلا من المطورين، وستنخفض ديون الأسر السعودية، وسيتجنب اقتصادنا مخاطر انخفاض الإنفاق بسبب ديون المساكن المرهقة.