رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


تحفيز الشركات وربطها بالفرص الوظيفية

عادة ما يبحث الموظفون عن تغيير عملهم والحصول على مناصب وفرص في شركات أخرى، لذا يتعين على قادة الشركات تحفيز أعضاء فريق العمل وإعادة ارتباطهم بالشركة من خلال ترجمة أهداف المؤسسة إلى أهداف ذات معنى على المستوى الفردي لكل منهم. يعمل 20 عاملا في قطع الصخور في مقلع للحجارة خارج البلدة، تحت إشراف رئيس العمال الذي كان يراقبهم ويعاملهم بشكل سيئ على الدوام، ويجبرهم على قطع مزيد من الحجارة حتى في أوقات الراحة، وكانوا مجبرين على العمل على الرغم من كراهيتهم له، ولم يكن لديهم خيار آخر فحاجتهم إلى المال أكبر من حاجة رئيس العمال لهم.

ساعة المواجهة
جاء اتصال من المكتب الرئيس في أحد الأيام، وبدا رئيس العمال مرتبكا خلال المكالمة من معالم وجهه، وكان يجيب "مستحيل.. كيف أستطيع تنفيذ ذلك؟" ومن ثم أغلق السماعة وتوجه إلى وسط المقلع وخاطب العمال قائلا "ابتداء من الغد عليكم قطع مزيد من الحجارة، على كل فرد أن يقطع 20 حجرا إضافيا وإلا سيخسر عمله".
رغم تبجحه كشف رئيس العمال حاجته إلى العمال، لكنهم تجمعوا في اليوم التالي واتفقوا على إيقاف العمل، فتغيرت حينها لهجة رئيس العمال وطلب منهم أن يقطعوا عشرة أحجار زيادة عوضا عن 20.
أرسل المكتب الرئيس رئيس عمال جديدا، الذي بدوره خاطب العمال متسائلا عن سبب رفضهم العمل، فأجاب أحدهم مستنكرا "نحن مجرد عمال يقطعون الحجارة، لدينا إمكانات معينة ولسنا سحرة"، وأجاب آخر "لقد سئمنا من سوء المعاملة كما لو كنا في سجن". فما كان من رئيس العمال الجديد سوى أن طلب منهم أخذ أجرهم والانصراف ليرتاحوا.

الرحلة إلى المعبد
في صباح اليوم التالي تجمع العمال في المقلع ووجدوا حافلة بانتظارهم، طلب منهم رئيس العمال الصعود إليها، حيث أراد أخذهم في نزهة. وبعد رحلة لمدة ساعة وصلت الحافلة إلى وجهتها. ذهل العمال بما شاهدوه عند نزولهم، حيث وجدوا أنفسهم أمام معبد كبير مبني من الحجارة الحمراء، يقف بشكل مهيب تحت السماء الزرقاء، تجولوا في المنطقة، ثم أرشدهم رئيس العمال إلى المعبد.
قال أحد العمال متلمسا بيديه أحد الصخور "انظروا، هذه هي الصخور التي قطعناها"، وقال آخر "لم أكن أعلم أنها ستبدو بهذا الجمال".
أجاب رئيس العمال "بإمكانكم إحضار عائلاتكم إلى هنا بعد افتتاح المعبد، سيكونون فخورين بكم عندما يرون عملكم". وقد أثار بذلك انتباههم ونظروا إليه بامتنان، حينها قال "انظروا إلى المعبد، لا يزال هناك جزء غير مكتمل"، وأضاف حين أجابه أحد العمال أن الغرفة الداخلية غير مكتملة "هذا صحيح، لا تزال مجرد أسمنت رمادي وغير جديرة به، أليس كذلك؟".
اتفق الجميع على ذلك وبدأوا بمناقشة كيف يمكن أن تكون الغرفة الداخلية مناسبة لمثل هذا المكان. وسأل أحدهم عن إمكانية الحصول على رخام أبيض، وعندما سأله رئيس العمال عن السبب أجابه بأن الغرفة الداخلية يجب أن تكون مميزة، ولن تكون كذلك في حال استخدام الحجارة الحمراء فقط وستبدو كأنها جزء من المعبد، لذا اتفقوا على إعطائها تصميما مميزا وترصيعها بالرخام الأبيض.
أجاب رئيس العمال أن ذلك سيزيد من صعوبة العمل ولكن جاءته الإجابة بأنه لا بد للغرفة الداخلية أن تكون مثالية، ووافق رئيس العمال على إحضار الرخام الأبيض، حيث ستعقد مناسبة مهمة بعد 30 يوما. تم افتتاح المعبد في الوقت المحدد، ووقف العمال مع أسرهم عند مدخل المعبد ورحبوا بالمهنئين وبجانبهم الأكاليل.

تحفيز فريق العمل
عادة ما تطلب الشركات من موظفيها أداء مهام إضافية وإظهار حماسهم تجاه أهداف المؤسسة. وبالمقابل، لا يمكنها ضمان أمنهم الوظيفي. ولكن الشركات تتعرض اليوم لضغوط في ظل الواقع الحالي للأسواق لكي تكون أكثر ديناميكية بما يمكنها من التوسع بسرعة وسهولة، وذلك بوجود قوة عاملة أقل ولكن بمرونة أكبر. فإذا ما أرادت الشركات جذب أفضل الموظفين والإبقاء عليهم، يتعين عليها التركيز على القيمة الوظيفية التي تقدمها لهم بدلا من الضمان الوظيفي.
تظهر أبحاث مؤسسة جالوب أن 13 في المائة فقط من الموظفين لديهم الحماس للعمل وتحقيق أهداف الشركة، فيما أبدى 87 في المائة منهم حماسا أقل بكثير تجاه العمل، حيث إن البعض قد يعمل على الحط من أهداف الشركة.
عندما اقترح رئيس العمال الجديد على العاملين زيارة المعبد الكبير ليروا خلاصة عملهم الرائع وجهدهم المضني، وأن يصحبوا أسرهم برفقتهم، أعطاهم شعورا بالفخر تجاه عملهم، وحولهم من مجرد عمال يقطعون الحجارة إلى مساهمين في بناء المعبد. وكانت خطوته التالية إعطاءهم هدفا يتحمسون لتحقيقه، وبما أن معرفته جديدة بالعمال ويخشى ألا يتقبلوا أوامره، لجأ رئيس العمال إلى اتباع أسلوب غير مباشر، حيث اقترح عليهم "هل الغرفة الداخلية جديرة بهذا المكان"، وبهذه الطريقة ساعد العمال على إيجاد حافز داخلي للقيام بعملهم. فاستطاع رئيس العمال بحكمته أن يستخدم هدف الشركة في تحقيق الأرباح لإلهام فريقه ليس فقط بعدد الحجارة التي يقطعونها ولكن في بناء الغرفة الداخلية للمعبد أيضا.
قال الراحل نيلسون مانديلا "إذا تحدثت لشخص بلغة يفهمها فأنت بذلك تخاطب عقله، أما إذا تحدثت إليه بلغته فإن كلامك يخاطب قلبه مباشرة". لذا على إدارة الشركات العمل بالمثل والتواصل مع الموظفين بلغتهم ومساعدتهم على اكتشاف أهمية ما يقومون به. وبحسب تقرير مؤسسة جالوب "على الشركات كسب قلوب موظفيها في إطار سعيها لكسب العملاء". لذلك، قد تكون فرصة إيجاد قيمة إضافية من داخل الشركة بالسعي للحصول على الرضا الوظيفي لـ 87 في المائة وإثارة حماسهم، ما يساعد على الانتقال إلى مستويات أداء أفضل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي