المملكة .. والعناية بالتنمية البشرية

في تقرير للأمم المتحدة فيما يتعلق بالتنمية البشرية، أحرزت المملكة تقدما في هذا المجال لتصل إلى المرتبة الـ39 بين 189 دولة في العالم. ولعل الأهم ليس المركز المتقدم، بل حجم التقدم في العناصر التي شملها التقرير، الذي يركز على عناصر ثلاثة، وهي مستوى الدخل ومتوسط العمر المتوقع الذي يمكن أن يعيشه المواطن، إضافة إلى مستوى التعليم، حيث أحرزت المملكة خلال ثلاثة عقود تقدما في متوسط أعمار المواطنين المتوقع، وذلك يدل على التقدم على المستوى الصحي، سواء بزيادة الوعي في المجتمع أو بحجم الخدمات التي تقدم، خصوصا لكبار السن، الذي أدى إلى ارتفاع متوسط أعمار المواطنين، ذكورا وإناثا، بما يعادل تقريبا ست سنوات. كما أنه على المستوى التعليمي، زاد الاهتمام بالتعليم، خصوصا أنه أصبح اليوم إلزاميا، وهذا حد تماما من الأمية في المجتمع بشكل واضح، ما عزز من مركز المملكة إقليميا في هذا الجانب، وجعلها تحرز مركزا متقدما منافسا في ذلك بعض الدول التي تصنف بأنها متقدمة، وذلك في مصاف أولى الدول بعد عدد من الدول الأوروبية ودول أمريكا الشمالية التي تصنف من العالم الأول. كما أن أحد أهم عناصر التقرير، مؤشر مستوى الدخل بالنسبة للمواطنين، الذي يعد جيدا، خصوصا مع عدم وجود ضرائب على الدخل للمواطنين، حيث يتمتع المواطن بدخله بالكامل. نتائج هذا التقرير من الممكن أن تتحسن في المستقبل القريب -بإذن الله- وذلك من خلال مجموعة من الإجراءات التي يمكن أن يكون لها دور في تحسين مستوى القطاع الصحي، حيث يتم العمل على تحسين مستوى الصحة العامة من خلال برامج تعتني بها الجهات ذات العلاقة، وهذا أصبح واقعا لمجموعة من الجهات المختصة، حيث أصبحت تعتني بجانب الوعي، إضافة إلى الأنظمة المناسبة والعقوبات العادلة للحد من التجاوزات. فعلى سبيل المثال، فيما يتعلق بقيادة المركبات تم العمل على زيادة الوعي وفرض الأنظمة والعقوبات المناسبة، ما قلل من مستوى الحوادث، خصوصا الإصابات الخطيرة، ويمكن أن يضاف إلى ذلك نشر الوعي فيما يتعلق بالجانب الصحي، وذلك بالحد من انتشار المواد التي يمكن أن تسبب أضرارا صحية، سواء كانت في شكل سلع أو أطعمة، إضافة إلى الرقابة على المنشآت فيما يتعلق بالسلامة والعناية الكبيرة بالبيئة، إضافة إلى التحسن العام في الخدمات الصحية وتوفيرها بشكل أكبر للمواطن، ولا ننسى مسألة العناية ببرامج جودة الحياة التي أعلن عنها بتوفير كل ما يشجع الأفراد على ممارسة الرياضة والعناية بالصحة. أما فيما يتعلق بالتعليم، فالعناية به فائقة من خلال تعدد المؤسسات التعليمية، سواء المراحل في التعليم العام أو التعليم العالي، والعمل اليوم على رفع جودة التعليم وكفاءة المخرجات ومواءمتها لخطط التنمية التي تسعى إلى بناء مهارات الطلاب في المجالات النوعية المتقدمة، وهذا مشوار صعب ويحتاج إلى كثير من الجهود، إضافة إلى الإيمان بأهمية هذا التحول بين كل من ينتسب إلى القطاع، وهذا لا بد أن ينشأ من خلال إعداد المعلم والعناية به وتعريفه بهذه الأهداف ومشاركته في صياغتها وتحمله مسؤولية مراقبة أثرها وتطوراتها في طلابه، إذ إن المعلم هو الركيزة الأساس للتعليم، على مستوى الجودة أو على مستوى التوسع في المؤسسات التعليمية، سواء في القطاع الحكومي أو الأهلي، والوعي المجتمعي أن العلم هو الأداة التي تمكنه من تحقيق الرفاهية بشكل أكبر وتلبي احتياجه وتوفر له فرص الكسب الأفضل. إما العناية فيما يتعلق بمستوى الدخل، فإن العمل اليوم يسير وفق برنامج وخطط فاعلة لتوطين الوظائف، ومن الأهمية بمكان العناية بتوافر نوعين مهمين من الفرص، وهي الوظائف النوعية ذات الدخل العالي، وفرص الكسب لمشاريع الأفراد. ما زال مشوار التنمية مستمرا والخطط والبرامج لا تنتهي بما يحقق الاستدامة في التنمية، وطموح المواطن اليوم أصبح أكبر، حيث يريد أن يرى هذه البلاد متقدمة وملهمة لدول كثيرة في العالم كيف أن الصحراء القاحلة يوما ما أصبحت اليوم أحد أهم المراكز المتقدمة عالميا، سواء على المستوى الاقتصادي أو التنموي أو في مجال التعليم أو الصحة وغيرها من أمور الحياة. الخلاصة، إن مركز المملكة في مؤشر التنمية البشرية يعد جيدا عطفا على التطور الكبير الذي تم خلال ثلاثة عقود -بإذن الله- وما زال المتوقع إحراز مركز متقدم رغم المنافسة الكبيرة في تلك المراكز مع الدول الأوروبية ودول أمريكا الشمالية التي تعد متقدمة في هذا المجال ولها تاريخ كبير في ذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي