رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


مسؤولية الشركات بين الإلزام والتحفيز

هناك مثل صيني يقول: "إذا أردت سعادة لمدة عام، تحتاج إلى ثروة. أما إذا أردت سعادة مدى الحياة، ساعد شخصا ما"، مقالي اليوم يتناول سر اهتمام الاقتصاديين بالمسؤولية الاجتماعية.
في هذا الإطار، يحرص العالم على تحسين الاستدامة في الاقتصاد والبيئة وفي المجتمع عن طريق تحفيز الشركات للقيام بواجبها تجاه محيطها؛ لأن أي نمو اقتصادي تقوده شركات كبرى له آثار بيئية واجتماعية واقتصادية، مثل فجوة الدخل وعدم المساواة والتلوث وغيرها من فجوات تنموية واقتصادية.
لا يزال الاقتصاديون حريصين على معالجة أي فجوة من خلال استخدام أدوات مالية وغير مالية عن طريق مبادرات محفزة كما في بعض الدول التي تطلب الإبلاغ عن المسؤولية الاجتماعية بهدف إحداث أثر إيجابي في المجتمع مثل السويد والنرويج وهولندا والدنمارك وفرنسا وأستراليا والهند والصين وجنوب إفريقيا مع اختلاف درجات الإلزام - ولا سيما في الدول الجاذبة للشركات متعددة الجنسيات.
يعتقد بعضهم أن الشركات الكبرى محصنة عن المشاركة في المسؤولية الاجتماعية، والحقيقة ليست كذلك، تشير بعض التجارب العالمية إلى أن إلزام الشركات بالمسؤولية الاجتماعية خيار سيء ويعد عبئا إضافيا ومثار جدل بين مجالس الإدارات والرؤساء التنفيذيين. أعتقد نظريا أن الأمر قد يكون صحيحا في الدول التي تعاني عبئا ضريبيا يفوق 20 في المائة، وشركاتنا لا تعاني ذلك؛ لذا أرى أن مشاركة الشركات في المسؤولية الاجتماعية متباينة وخجولة، على الرغم من غياب العبء الضريبي.
هناك أمر مثير للقلق، عدد كبير من الرؤساء التنفيذيين لا يوجد لديهم تعريف واضح للمسؤولية الاجتماعية أو مرجعية يمكن أن تقدم سياسات توجيهية في مجال المسؤولية الاجتماعية وما الحجم المثالي للإنفاق في الاقتصاديات المماثلة، لذا تفاوتت النتائج وأصبح الأمر متروكا دون اتجاهات واضحة على الرغم من وجود أرباح لدى معظم الشركات المساهمة.
لا يمكن تجاهل أن الشركات تواجه تحديات في إيجاد شريك كطرف ثالث متخصص يمكن الوثوق به في برامج المسؤولية يصنع أثرا إيجابيا في المجتمع وفق متطلبات الشركات الاستراتيجية.
المسؤولية الاجتماعية نفعها سيتخطى القطاع العائلي إلى القطاع الخاص من خلال ردم الفجوة بين العملاء والشركات والمصارف وتحسن التواصل بين المجتمع والشركات، والحد من مرور طفرات ونمو اقتصادي دون أن يظهر أثرها على الجميع.
ستظل الشركات ترصد احتياجات المجتمع كجزء من الولاء للوطن، وتسجل أفضل الآثار الممكنة في المجتمع، وتدون في تقارير الاستدامة التي تصدرها الشركات الكبرى لقياس أثر استمرار منتجاتها وعملياتها من حيث تنمية الاقتصاد والمجتمع.
علينا بلوغ المستوى التالي عن طريق تأسيس هيئة حكومية متخصصة ومستقلة ترتبط بوزارة الاقتصاد، معنية بإصدار قانون يحدد نطاق وقواعد المسؤولية الاجتماعية والسياسات التوجيهية والتحفيزية ومستهدفات مالية سنوية كجزء من الناتج المحلي، ويفضل أن يصدر تقرير سنوي على الصعيد الوطني حول الاستدامة في مسائل المسؤولية الاجتماعية وآثارها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي