رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


عام 1440 وتوطين الأنشطة التجارية‎

لعل التجربة التي شهدتها السوق في المملكة شاهد على مجموعة من المتغيرات في سوق العمل وفي المجتمع بصورة عامة، ففي الوقت الذي يراهن فيه بعض رجال الأعمال وبعض المثقفين على فشل توطين مجموعة من الأنشطة التجارية، نجد أن المجتمع أكثر تفاعلا مع هذه المتغيرات باعتبارها نتيجة طبيعية لأي مجتمع يبحث عن الفرص ويتفاعل معها بعيدا عن التنظير.
فالمجتمع في المملكة بتنوعه وبمبادرة شبابه وشعورهم بالمسؤولية، إضافة إلى طبيعة المتغيرات الحالية والتوجه العام للاقتصاد، أصبح يبادر للحصول على فرص ووظائف تحقق له الثقة بالنفس والشعور بالمسؤولية وبناء الشخصية وتطوير مهارات والتدرج في مشاريعه الشخصية.
إضافة إلى التفاعل مع المجتمع وحبه واحترامه، وما إن يتم توطين قطاع معين، إلا وتجد الإقبال الكبير من قبل الشباب والفتيات مع وجود الحوافز المناسبة.
لا شك أن توطين الوظائف فيه تكلفة بشكل أو بآخر، إلا أنه في الواقع يحقق مصالح متعددة للشركات والمجتمع من جوانب متعددة، حيث إن الشركات تجد في القوى العاملة الأجنبية خيارا رخيصا يمكنها من تحقيق عوائد أفضل، إلا أنه في الجانب الآخر أسهم في مجموعة من الأمور التي لا تناسب مجتمعا يتطور ويتطلع إلى خدمات نوعية وتوظيف أمثل للموارد. حيث إن القوى العاملة الرخيصة لا تشجع الشركات على توظيف التقنية والترشيد في التوظيف وتحقيق إنتاجية أعلى، إضافة إلى أن كثيرا من الشركات تلجأ إلى القوى العاملة الأجنبية ضعيفة المهارة، ما يضر بكفاءة السوق ويؤثر في نهاية الأمر في المستهلك.
كما أن كثيرا من أصحاب الأعمال في السوق يضطرون إلى التعاقد مع عدد أكبر من احتياجهم، نظرا لقلة تكلفة القوى العاملة الأجنبية نسبيا والحاجة في بعض الفترات إلى مجموعة أكبر من القوى العاملة، نظرا لطول إجراءات الاستقدام نسبيا، وهذا نوع من الهدر الذي يمكن أن يتم الحد منه فيما لو تم الاعتماد على المواطن، نظرا لسهولة إجراءات التوظيف، بل حتى المخالصة في حال لم يكن الموظف مناسبا.
من إيجابيات التوطين أنه يحسن من حركة ونشاط الدائرة الاقتصادية محليا، حيث إنه سيقلل من تسرب الأموال من خلال التحويلات الهائلة سنويا، التي سيتم إنفاقها داخليا، وهذا يمكن أن يحسن من حركة البيع والشراء في السوق ويزيد من حركة ونشاط السيولة محليا.
كما أن توطين الوظائف سيكون له أثر في تخفيض مستوى البطالة، وبالتالي سيخفف من حجم الطلب على الإعانات الحكومية والمؤسسات الاجتماعية، بل قد يؤدي إلى مشاركة مجتمعية أكبر في هذه البرامج، وهذا بدوره سيعزز من فرص الإنفاق بشكل أكبر على مشاريع تنموية يستفيد منها المجتمع.
لا شك أن هذه المرحلة تتطلب من أصحاب الأنشطة التجارية التفكير بشكل أكبر في الاستفادة من التقنية، وهذا له أثر إيجابي على المدى الطويل في الترشيد بصورة أكبر وإيجاد وظائف نوعية في المجتمع، كما أنه من الممكن أن يعزز من حجم التجارة محليا وخارجيا من خلال الانفتاح بصورة أكبر على التصدير وإيجاد منافذ بيع إلكترونية في الخارج والحد من كثير من المصاريف من خلال التوسع في الفروع واستئجار مواقع مكلفة.
من الأمور التي ينبغي التأكيد عليها فيما يتعلق بالتوطين، مسألة التوطين الوهمي، وتوطين أنشطة اقتصادية بصورة كاملة سيحد منه ويطور من مهارات المواطن في تلك الأنشطة، إضافة إلى أنه يمكن أن يحد من التستر التجاري في تلك الأنشطة، لكن لا بد من التأكيد في هذه المرحلة على متابعة التوطين الوهمي، لما فيه من ضرر كبير على المواطن أيا كان، سواء من يبحث عن الوظيفة أو ينخرط في هذا النوع من المخالفة، إذ إن ذلك سيؤدي إلى نتائج قد تكون كارثية لمن يتورط في ذلك، حيث سيجد نفسه يوما ما بلا عمل لعدم الحاجة إليه لزيادة نسبة التوطين، وفي الوقت ذاته لن يكون قادرا على الحصول على عمل لتفويته فرصة تنمية مهاراته في العمل ووجود المنافسة بينه وبين كثير من الشباب والفتيات في المجتمع.
فالخلاصة، إن هذا العام سيشهد مجموعة من المتغيرات فيما يتعلق بالتوطين، مع إلزام الشركات بتوطين 12 نشاطا خلال هذا العام، وقد يكون لبعضهم رأي أن ذلك سيكون له أثر سلبي على السوق بارتفاع تكلفة القوى العاملة الوطنية، وبالتالي التكلفة على الأعمال التجارية، إلا أن ذلك ينبغي أن يكون له انعكاس إيجابي على تلك الأعمال لرفع كفاءتها، والتنوع في طرق تقديم الخدمات وتوظيف التقنية بما يحسن في طرق تقديم الخدمات ويعزز من فرص وجود الوظائف النوعية في المجتمع، ويقلل من تسرب السيولة إلى الخارج.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي