التأمين والموت
الأمر الذي يمكن أن نضمنه جميعا هو نهاية الحياة، الموت لا مفر منه، وهو مصير جميع الكائنات في هذا العالم، وهذا يعني أنه لا عمر معينا للوفاة ولا حالة اجتماعية أو نفسية أو مادية. لهذا كان الاستعداد للموت أساسا في كل ما يفعله العقلاء. عندما نتحدث عن العقل فعلينا أن نعود لمعرفة أن من يملكون اتخاذ القرار لا بد أن يكونوا أعقل القوم.
تعمل المصارف - على سبيل المثال - على تأمين جميع القروض التي تقدمها للناس ضد الوفاة؛ بمعنى أنه في حال وفاة المقترض، ليس هناك ما يستدعي أن نسجن ورثته، ونمنع المحتاج منهم من إرثه لتسديد القروض مهما عظمت. وهذه المصارف، وهي تتخذ قراراتها، نحت إلى العقلانية والحكمة، وتحقيق حالة الربح المشترك للجميع، فالمتوفى أمره إلى الله، ومن يأتي بعده لن يتأثر ماديا بوفاته، وسيستعيد المصرف حقوقه من شركة التأمين على القروض.
هذا في حالة القروض المصرفية، التي تراوح فترة سدادها بين السنتين والست سنوات، إذا استثنينا قروض المساكن. الغريب أن قرارا كهذا لم يتم اتخاذه من قبل الجهات الحكومية التي تقدم القروض إلا فيما ندر. فرغم أن صندوق التنمية العقارية - كحالة - لا يزال يقرض منذ أكثر من 50 عاما، نشاهد باستمرار قوائم سنوية بأسماء الورثة الذين تصدر الموافقات على إعفائهم من سداد قروض الصندوق، وكأنهم لا يعلمون خطر هذا الإجراء على الملاءة المالية للصندوق وقدرته على الإقراض في المستقبل.
أستغرب كيف لا يفعل الصندوق ذلك، وهو يعلم أن أغلب المستفيدين من القروض تتجاوز أعمارهم - في حالات كثيرة - الـ 50 قبل تسلم القروض، ومع مهلات السداد قد يصل عمر المقترض إلى الـ80 وهو لم ينه سداد قرض الصندوق، فكيف بالله عليكم تتوقعون أن يبقى المقترض كل هذه السنوات دون عارض الموت.
ثم إن الملاحظ أن الأرقام ترتفع كل عام، ففي هذا العام تجاوزت مبالغ الإعفاء 13 مليار ريال، وهذا يعني فقدان ما يزيد على 26 ألف مواطن فرصة الحصول على قروض. لهذا أطالب الصندوق العزيز بأن يؤمِّن على كل ما لديه من القروض قبل أن يصل إلى مرحلة لا يجد فيها مبالغ يقرض بها الناس.