الحاجب الحزين
منذ بدء الخليقة والبشر يبحثون عن الجمال ويكملون ما ينقصهم بالتزين إما بالمساحيق أو بالعمليات، وتختلف معايير الجمال فما كان مستساغا قديما أصبح اليوم تشويها والعكس صحيح وما حدث في الماضي السحيق نراه اليوم باديا على وجوه النساء من شفاه أقرب إلى شفاه مزايين الإبل ووجوه عرضت ونفخت حتى تشعر أنك أمام مسخ.
العرب مثلا عرف عنهم التغزل بالجباه الصغيرة وتغنى بها طلال مداح "بو جبين كما خط الهلالي منرقته ودقته"، أما في أوروبا وعصر النهضة تحديدا فكانت جبهة الرأس الواسعة التي تشكل مع الشعر المتراجع للخلف خطا منحنيا من أساسيات جمال المرأة، لذا كانت النساء يحلقن جزءا من شعر مقدمة الرأس لتشكيل القوس وزيادة اتساع الجبهة. ولم يكتفين بذلك بل لجأ بعضهن إلى إزالة شعر الحاجبين والرموش لإبراز جمال الجبهة، أحد أهم سمات الجمال في ذلك العصر، ومنهن من يزلنها تدينا واستجابة للكنيسة الكاثوليكية التي تعتبر إظهار الشعر خطيئة بما في ذلك الرموش والحاجبين.
وقد يؤدي التجمل ببعض النساء إلى أن تكون شبه معاقة ففي عهد إمبراطورية "تشينج" العظمى في الصين التي امتدت بين عامي 1912 و1644 كان الرجال والنساء يطيلون أظفارهم حتى يبلغ طولها 20-25 سم، وتقوم النساء بوضع طبقة من الذهب عليها لحمايتها وإشارة إلى مكانتهن الاجتماعية ودليلا على أنهن يرفلن في النعيم ولا يعملن أي شيء بأيديهن حتى ارتداء الملابس وتناول الطعام تقوم به الخادمات.
وفي الصين أيضا اهتمت النساء برسم حواجبهن بعدة ألوان منها الأسود والأخضر والأزرق، وكان شكل الحاجب واتجاهه تحدده الموضة السائدة في تلك الفترة. وأحد أهم أشكال الحواجب لدى الصينيات "الحاجب الحزين" أو ما يعرف بـ"سورو بورو" حيث يتم تقويس حواف الحاجبين في منتصف الجبهة باتجاه الأعلى كتعبير عن الحزن.
واشتهرت اليابانيات بطلاء وجوههن بمسحوق أبيض فتبدو أسنانهن صفراء مقارنة ببياض الوجه لذا لجأن إلى صبغ أسنانهن باللون الأسود وعرفت هذه العادة باسم "الأوهاجرو" واستمرت حتى القرن الـ19.
وحتى الرجال لم يكونوا بمعزل عن هوس الجمال فمنذ العصور الوسطى وحتى القرن الـ18 كانت سيقان الرجال معيار الجمال الأول بالنسبة لهم، ومن أجل إبراز جمالها كانوا يرتدون الجوارب الضيقة وقد يضعون الحشوات داخل الجوارب لتحسين شكل الساق، ويعتبر الملك هنري صاحب أجمل سيقان.
أما قبائل المايا فكانت تعتقد أن جمال الطفل في جمجمته المستطيلة فتلاعبوا برؤوس الأطفال بتثبيتها على ألواح خشبية أو حشرها في قوالب خاصة لتأخذ الشكل المستطيل والممتد للأعلى.