اختراعات شبابنا .. بعد مرحلة التسجيل
وجدت الفقرة الخاصة بالمخترعين السعوديين، ذكورا وإناثا، في مقالي للأسبوع الماضي اهتماما كبيرا من المتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكن الملاحظة التي اتفق عليها الجميع، ومنهم أساتذة جامعات، أن اختراعات الشباب قد ظلمت كثيرا لعدم وجود تعاون مشترك بين الجامعات ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية لتسويق الاختراعات ودعم الباحث والمخترع.. كما أن الاختراعات، رغم أهمية بعضها، لم تأخذ حقها من التغطية الإعلامية الجيدة التي تساعد على تسويقها.
وهذا الاهتمام شجعني كي أبحث عن كل ما يتعلق بالمخترعات السعودية، وهل هناك تسويق ودعم لها، سواء من الجهات الحكومية أو القطاع الخاص، فوجدت أن الاهتمام يتمثل فقط بتسجيلها، وهذا شيء طيب أن نحافظ على الملكية الفكرية لأصحابها ويقوم بذلك مكتب البراءات السعودي التابع لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، الذي يعمل بموجب نظام براءات الاختراع الصادر بمرسوم ملكي عام 2004 وظل هذا المكتب يتلقى طلبات التسجيل ويصدر براءات الاختراع وشهادات النتائج الصناعية.. لكن المشكلة أو الحلقة المفقودة، هي من يتولى بعد ذلك التسويق لهذه المخترعات كي تنفذ وتطرح في الأسواق.. ففي الدول المتقدمة تتولى شركات تسويق مختصة تسويق المخترعات بأساليب حديثة كي يقوم المستثمرون والشركات الكبرى بشراء حق المخترع أو إدخاله شريكا بحصة في المشروع.. ولو تم ذلك لوجد أبناؤنا خيرا كثيرا وهم يرون مخترعاتهم منتجات تدعم اقتصاد بلادهم وتضعها في مصاف الدول المتقدمة علميا وصناعيا.. لكن المشكلة أن معظم هذه المخترعات تظل شهادة تسجيل ولا شيء غير ذلك.. وخلال رحلة البحث التي قمت بها بين مصادر عديدة للمعلومات، وجدت آلاف المخترعات السعودية في تخصصات حيوية مهمة، ومنها علم الجينات والنانو، حيث وضع سعوديون وسعوديات أسماءهم مع المخترعين العالميين وحصلوا على براءات اختراع محلية وعالمية، ويلاحظ زيادتها في السنوات القريبة الماضية مع تنوع المجالات ومنها الطب والهندسة والصناعات الدقيقة حتى الصواريخ النووية، حيث صممت المهندسة مشاعل الشميمري طريقة جديدة لتصنيع نوع جديد من هذه الصواريخ، وفي مجال الطب نال الدكتور سعيد الجارودي براءة اختراع لأنواع جديدة من علاج السرطان.. وهناك عديد من المخترعين والمخترعات الذين لا أستطيع حصر أسمائهم في هذا المقال.
وأخيرا، أوجه نداء عاجلا بأن تتحرك جامعاتنا الكبيرة والعريقة لإنشاء مراكز أبحاث تعنى بالاختراعات السعودية، كما يمكن لهذه الجامعات أن تؤسس مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية جهاز تسويق متخصصا لدعوة القطاع الخاص وعرض المخترعات التي أجريت عليها الأبحاث ووجدت أنها قابلة للتنفيذ، كي نرى في أسواقنا وفي الأسواق العالمية نتائج ابتكار شبابنا "بنين وبنات" الذين نفخر بهم حينما تتفاخر الدول بعقول أبنائها ومخترعاتهم الحديثة، وعلى القطاع الخاص الذي يجد دعما كبيرا من الدولة ألا يتقاعس، وأن يقدم الدعم حتى من بند المسؤولية الاجتماعية وانطلاقا من الواجب الوطني الذي يجب القيام به على أكمل وجه.