النمو الاحتوائي في المنطقة العربية «2 من 2»
عقد الصندوق مؤتمرا مطلع هذا العام في المغرب، شارك في تنظيمه كل من حكومة المغرب وصندوق النقد الدولي والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وصندوق النقد العربي، حضره أكثر من 300 مسؤول من 20 بلدا في المنطقة، من مسؤولين حكوميين وممثلين للقطاع الخاص والمجتمع المدني وخبراء عالميين؛ للتفكير معا في كيفية التغلب على العقبات التي تحول دون تنفيذ سياسات النمو الاحتوائي.
وهناك تقرير عن كيفية تفعيل هذه البرامج والسياسات على أرض الواقع، وكلي ثقة بأنه سيعطي دفعة للنمو الاحتوائي. وينبغي أن يركز على خمس أولويات:
الأولى: كيف يمكن تشجيع قطاع خاص حيوي لتحقيق نمو أعلى ووظائف أكثر؟
وفي هذا الإطار، بات واضحا أن النموذج القديم الذي تؤدي فيه الدولة دور المشغل الأول، لم يعد قابلا للاستمرار. إن القطاع الخاص ينبغي أن يتولى دورا أكبر، ويتطلب ذلك إجراءات حكومية لإيجاد مناخ تنافسي عادل للمؤسسات الخاصة، والاستفادة من التجارة العالمية والتكنولوجيات الجديدة. ويعني ذلك أيضا أن تزداد استثمارات الشركات داخل المنطقة، وأن تسهم في نصيبها العادل من الأعباء، وتتعاون مع القطاع العام لتحسين البنية التحتية.
الثانية: في برنامج تحقيق النمو الاحتوائي، وهي دعم المجموعات المهمشة.
وفي هذا الإطار، يجب انتهاج سياسات لإدماج الشباب والنساء وسكان الأرياف، من خلال إعدادهم لتولي وظائف لائقة.
كما أن الشمول المالي - بما في ذلك الاستفادة من التكنولوجيا المالية - يشكل أداة تمكين مهمة. فهناك نحو 70 في المائة من البالغين في المنطقة لا يملكون حسابات مصرفية.
الثالثة: في الطريق إلى النمو الاحتوائي، وهي كيفية استخدام سياسة المالية العامة للاستثمار في الموارد البشرية والبنية التحتية. وفي هذا المجال، يجب إعادة تصميم سياسة المالية العامة؛ حيث يتم تخصيص حصة أكبر لتحسين البنية التحتية في عدد كبير من دول المنطقة، ولتعزيز شبكات الأمان الاجتماعي والخدمات والتعليم، من خلال زيادة الإنفاق الاجتماعي، الذي يبلغ اليوم أقل من 11 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، مقارنة بـ 19 في المائة في دول أوروبا الناشئة. ومن المهم جدا أيضا بناء قواعد ضريبية أوسع وأكثر إنصافا وتصاعدية، تجعل الجميع يسهم بشكل عادل، مع ضرورة توفير الحماية للفقراء.
الرابعة: هي الاندماج في الاقتصاد العالمي. فحسب تقديراتنا، يمكن أن تؤدي زيادة انفتاح المنطقة على الاقتصاد العالمي، إلى رفع النمو فيها بمتوسط نقطة مئوية واحدة، وهو ما يشكل دفعا هائلا للنمو.
الخامسة: في جدول أعمال النمو الاحتوائي، وتتمثل في الحوكمة ومكافحة الفساد. وفي هذا الصدد، هناك حاجة إلى استئصال الفساد؛ لأنه لا يزال عقبة أساسية أمام نشاط القطاع الخاص وكفاءة القطاع العام.
ولذا، ينبغي أن نركز على الشفافية والحوكمة اللتين تشكلان نقطة ضعف في المنطقة.
ولا شك في أن النمو الاحتوائي مسؤولية مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع كله. إن هذا النمو الاحتوائي، يتطلب حكمة جماعية، وتحركا جماعيا أيضا، كما أن إشراك الأطراف المتأثرة تأثرا مباشرا بالإصلاحات، أمر ضروري.
لماذا؟ لأن هذا النوع من الحوار يعزز الثقة، ويبني الشعور بالملكية، بما يضمن استمرارية هذه الإصلاحات وتأثيرها الدائم. إن بلدان المنطقة تملك كثيرا من الإمكانات الواعدة. فلدينا موروث تاريخي وثقافي ثري، راسخ الجذور في مجالي العلوم والتجارة، ولدينا أيضا موارد هائلة.
وفوق ذلك كله، لدينا جيل موهوب من الشباب والشابات التواقين إلى العمل والطامحين لأن يكونوا أعضاء منتجين في المجتمع. وعلينا بالتالي، الاهتمام بتطلعاتهم، والارتقاء إلى مستوى توقعاتهم وأحلامهم.