نيتشه والمستقبل

نيتشه والمستقبل

إنّ الفيلسوف في نظر نيتشه، هو "إنسان للغد وبعد الغد"، لذلك لم يكن يكتب لمعاصريه، بل لجيل سوف يأتي. فلا يكترث بما يمكن أن تلاقيه فلسفته وكلماته من سوء فهم، لأنّه من الذين "يولدون بعد الممات". فلا يكتب نيتشه للذي كان ولا للذي يكون، لكنّه يخاطب من سيأتي من بعده، فهو "لا يطمع (يومها) في وجود آذان وأياد لحقائقه"، فمهمّته تكمن في الإعداد للحظة التي تعود فيها الإنسانيّة إلى نفسها، لحظة "الظهيرة العظمى". يسمّي نيتشه "فلاسفة المستقبل"؛ أي "الفلاسفة المقبلون" من ذوي "الأرواح الحرّة"، الذين "فتحوا عينا وضميرا للسؤال"، مبشرين بنبتة الإنسان الأرقى. لن يكون "الفيلسوف المستقبلي" دوغمائيّا وإن ظلّ محبّا للحقيقة، فكلّ الفلاسفة أحبّوا حقائقهم، وسيكون قادرا على تجاوز الأحكام الرديئة التي يتّفق عليها الأغلبيّة. فيظلّ فيلسوف المستقبل على غير أوانه لكونه "نادرا" جاء لأجل "النادرين" مثله.

الأكثر قراءة