شهر رمضان اقتصاديا
قيمة شهر رمضان لنا أشمل وأعمق من الحيثيات الاقتصادية مهما كانت مهمة، ولكن رمضان مع إجازة العيد، التي عادة ليست قصيرة؛ حيث تشكل نحو 10 في المائة من حياتنا. ولذلك لا بد من التبصر والمراجعة في ظل التغييرات السريعة اجتماعيا واقتصاديا. الإنتاجية لدينا ليست على ما يرام، بينما لدينا برامج طموحة متمثلة في الرؤية وبرامج التحول في مسارات اقتصادية واجتماعية متنوعة. لا يخفى على أحد مدى النقص في الإنتاجية، الذي بدأ بالتكوين منذ عقود إلى حد أن الشهر الفضيل بدأ يفقد بعض المعاني الجميلة والعبر الحياتية. تجاربنا الاجتماعية والدينية والثقافية غنية، ولذلك هناك مناهل كثيرة تمكننا من التعديل. النزعة البشرية للتكاسل مفهومة، ولكن التغيير دون حسابات منطقية يؤثر في الإنتاجية وسلوك العمل.
الظروف الموضوعية في المملكة تكمن في عنصرين، الأول: بيئي حيث إن رمضان يطلب ساعات عمل أقل بسبب الصوم أثناء الحر. والآخر: هناك مسؤولية إدارية لتنمية الإنتاجية بما يتماشى مع التوجهات الاقتصادية الجديدة. أطول مدة مناسبة ليوم العمل في الشهر الفضيل تتعامل مع العنصرين، أن تكون ساعات العمل بين السادسة صباحا إلى موعد أذان صلاة الظهر. بعد ذلك الوقت تكون الحرارة في أوجها والعطاء في تناقص. مراعاة خواطر الناس من خلال كسل القطاع العام تتضمن تنازلات لن تمر دون تكلفة مجتمعية اقتصادية ومعنوية، ولكن اليوم الحال مختلفة، حين أخذت الحكومة بتوجهات مهمة نحو التغيير. المدهش في الموضوع أننا ننادي بإعادة ممارسة كانت قائمة حتى قبل نحو ثلاثة عقود، حين بدأت المملكة تتوغل في الاستهلاك وطلاق الاقتصاد عن الإنتاجية وحتى قياس القوى الاقتصادية. وهنا أيضا دعا ولي العهد للرجوع إلى ما كنا عليه.
الأجدى أن يكون هناك تقديم لساعات الدوام وليس تأخيره أو على الأقل الحفاظ على ساعات الدوام وتقليصها ساعة في النهاية. هناك خطوات صغيرة كثيرة كفيلة بتغيير تصرفات الناس، لن تغير المسار الاقتصادي وحدها، ولكنها مجتمعة تستطيع التأثير. أحد جوانب الانضباط الإيجابية أن الاستهلاك عال في الشهر الكريم، ولذلك قد يحدث تعديل إيجابي يتفاعل مع الانضباط في العمل. التغيير الاقتصادي في الآخر مصدره تغيير تصرفات الناس أفرادا وجماعات، ولذلك أرى أن التعامل مع ساعات الدوام في رمضان أحدها، وحان الوقت للتعامل مع الأمور بجدية أكثر. الارتهان إلى مسائل عمومية وفوقية دون محاولة الفرز والدقة لن يمكننا من التعامل مع المسائل الكبيرة. الخطط الكبيرة والعامة لن تمر إذا استمر تجاوز محصلة تصرفات الناس. الانضباط الاجتماعي سيسمح للمعاني الطيبة في شهر رمضان بالظهور بصورة جلية.