رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


آفاق جديدة للتعاون بين رابطة العالم الإسلامي والفاتيكان

في الأسبوع الماضي وقع الدكتــــور محمـد بن عـبد الكريم العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ونيافة الكاردينال جان لويس توران رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان في الفاتيكان على اتفاقية تستهدف استكمال ما تم بحثه في اجتماعات سابقة، تؤكد ضرورة الحوار في عالم أصبح أكثر تعددا للأعراق والديانات والثقافات، كذلك تؤكد الاتفاقية ضرورة إقامة علاقات احترام وسلام مثمر بين المسلمين والمسيحيين، وقبل ذلك انطلقت المملكة العربية السعودية على طريق حوار الحضارات والثقافات من خلال بناء مركز الملك عبد الله العالمي للحوار بين أتباع الديانات والثقافات في قلب أوروبا مدينة فيينا في النمسا، والمركز يحمل رسائل ضد أنصار الكراهية وصدام الحضارات، ويهدف إلى نشر القيم الإنسانية وتعزيز التسامح والسعي إلى تحقيق الأمن والسلم والاستقرار لشعوب العالم أجمع، كما يهدف المركز إلى احترام الاختلاف بين أتباع الديانات، ويشجع على التوافق بين الجماعات، ويقدم الإسلام الوسطي في صورته السلمية العادلة.
ولعب المركز دورا كبيرا في وقف الإساءات التي طالت الأديان السماوية ورموزها، وبالذات الإساءات الأخيرة التي تجرأت على الذات الإلهية وعلى نبينا وسيد البشرية محمد- صلى الله عليه وسلم- كذلك وضع المركز منظومة أخلاقية وإنسانية مشتركة تدعم أواصر الأسرة الدولية وتحمي الموروثات الحضارية والمصالح المشتركة لمصلحة عالم يسوده احترام الأديان وتعزيز القيم الإنسانية والحرص على التعايش السلمي المشترك فوق كوكب الأرض.
وتعد الاتفاقية بين رابطة العالم الإسلامي والفاتيكان بما تضمنته من نصوص إنسانية ومثالية هي الرد العملي المعتدل ضد أصحاب نظرية صدام الحضارات، خاصة ضد برنارد لويس وصديقه صامويل هنتنجتون اللذين بشرا بنظرية صدام الحضارات وطلبا من الزعامات الغربية شن حرب صليبية واسعة الأرجاء ضد الإسلام والمسلمين في كل أنحاء الكرة الأرضية.
يقول برنارد لويس إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضرهم، وإذا تُركوا فسوف يفاجئون العالم الغربي المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمر الحضارات وتقوض المجتمعات، ولذلك يرى لويس أن الحل السليم للتعامل مع دول العالم الإسلامي هو إعادة احتلالهم واستعمارهم وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وطالب أمريكا بأن تقوم بهذا الدور وأن تستفيد من التجربتين البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة لتجنب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان البريطانية والفرنسية، ويمضي لويس موجها تعليماته للإدارة الأمريكية بقوله: إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك إمّا أن نضعهم تحت سيادتنا وإما نضيعهم ونبعثرهم، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، ويمضي لويس قائلا: لا مانع أن تقوم أمريكا بالضغط على قياداتهم الإسلامية ــ دون مجاملة ولا لين ولا هوادة ــ ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة، كذلك يرى لويس ضرورة تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والطائفية فيها، ويطالب لويس بتعزيز التحالف ضد الخطر الإيراني وتسهيل تفكيك الدول العربية والإسلامية، ودفع الأتراك والأكراد والعرب والفلسطينيين والإيرانيين ليقاتل بعضهم بعضا، وضرب لويس المثل بما فعلته أمريكا مع الهنود الحمر في القارة الأمريكية الحمراء.
ولكن المملكة العربية السعودية من ناحيتها كانت وما زالت تقدم إلى المجتمع الدولي مشروعها الحضاري حوار الأديان والثقافات، الذي انطلق من قلب أوروبا وإلى العالم أجمع يدعو إلى الحوار والسلام لا الحروب والصدام، مؤكدا أن الإسلام يسعى دائما إلى الاستقرار والأمن ونبذ الحروب في كل أنحاء العالم.
وفي موقف معارض من برنارد لويس قال الكاردينال توران عقب توقيعه على الاتفاقية بين الرابطة والفاتيكان إن جميع الأديان تضم حكماء معتدلين وتضم أيضا أصوليين متطرفين بعدوا عن جادة الفهم السليم والحكيم لأديانهم، وتحولوا إلى العنف والإرهاب باسم الدين مؤكدا في هذا السياق أهمية التعاون بين الرابطة والفاتيكان ليسود العقل والفهم السليم لرسالة الأديان، ثم أشار الكاردينال توران إلى أن الأديان ضرورة من ضرورات الحياة، مستشهدا بالأمر القرآني الكريم: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة"، مشددا على أهمية استبعاد التهديد والعنف والتوظيف اللاأخلاقي للأديان، وطالب الكاردينال توران تجنيب الأديان من خدمة أيديولوجيات ضيقة تدفع إلى الإرهاب مع السعي لنشر التربية والوعي الديني السليم، والإيمان بالتعددية ورفض العدوانية والجهل والتهجم على أتباع الأديان الأخرى.
إن الاتفاقية التي وقعتها رابطة العالم الإسلامي مع الفاتيكان في الأسبوع الماضي تعد تأكيدا للرسائل التي ظلت تبثها المملكة العربية السعودية منذ مؤسسها الملك عبد العزيز آل سعود - طيب الله ثراه - التي تؤكد أن الدين الإسلامي الحنيف هو دين التسامح والسلام والأمن ونبذ الكراهية والأحقاد بين شعوب العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي