بكتيريا الشباب الدائم
تكاد تختفي معالم وجوههن، لا تكاد تميز إحداهن عن الأخرى. بالأمس القريب قابلت إحداهن. لم أرها منذ فترة طويلة. توقفت لبرهة. دققت في وجهها، هل هي صاحبتي القديمة أم لا؟! ما الذي حدث لوجهها؟ ما اعتقدت هي أنه تجميل أراه ومن حولها تشويه، وليست هي الوحيدة في ذلك. كنا قديما ندعو أن يحفظ الله لنا وفاء صديقاتنا، وأن يبقين على الود. اليوم، ندعو أن يبقي لنا وجوههن كما عهدناها. لا أريد أن أتحدث مع شخص لم يبق منه إلا الصوت! هوس الشباب الدائم لا يقتصر على جنس معين، ولا بلد بعينه. ففي رحلة البحث عن إكسير الشباب الدائم، يظهر لنا على الطريق العالم الروسي الدكتور أنتولي بروشكوف، رئيس قسم دراسات الكائنات الحية ذات درجة الحرارة المنخفضة في جامعة موسكو، الذي حقن نفسه ببكتيريا "باسيلوس إف"، التي يعود وجودها على سطح الأرض إلى ما قبل التاريخ، وتحديدا قبل 3.5 مليون سنة، تم العثور عليها في رفات حيوان الماموت المتجمد في إقليم ياكوت الروسي، ويبلغ عمرها نحو 30 ألف عام!
وبعد مرور عامين على تجربته، أفاد بأنه يشعر بارتياح لم يحسه مسبقا، يقول: "لقد أصبحت أعمل لفترات أطول من غير تعب، ولم أمرض بالزكام أو نزلات البرد".
وصرح بروشكوف، في عام 2012، بعد تجارب عديدة ناجحة، أجراها على الفئران والذباب، بأنه آن الأوان لإجراء التجارب على الإنسان، إذ إن النتائج الأولية مبهرة، وتؤكد تباطؤ الشيخوخة، وارتفاعا كبيرا جدا في عملية تجدد الخلايا، وبالتالي، إطالة عمر الإنسان إلى نحو 140 عاما، وهذا ما لاحظه العلماء على سكان المنطقة التي توجد فيها البكتيريا، إذ يحصلون عليها يوميا من مياه الشرب دون عناء!
وأول امرأة غامرت من أجل الشباب الدائم، الممثلة الألمانية مانوش، بعد أن أعيتها عمليات التجميل وهي لم تتجاوز 45 عاما. منحها العالم بروكوشوف بكتيريا الشباب الدائم لتحقنها بنفسها، ليبتعد عن الشبهة القانونية! تقول "مانوش" إنها باتت تمتلك بشرة ناعمة كبشرة الأطفال، رغم أن ذلك لا يبدو في الصور!
وفي المضمار نفسه، اقترب الإسبان من فك شفرة الشباب الدائم بعيدا عن البكتيريا بعد أن تمكنوا من معرفة المواد التي قد تؤثر في شباب الإنسان وأين تكمن!
يقول العلماء، إن البشرية اليوم على عتبة الشباب الأبدي، حيث تعتمد مدة حياة الإنسان على "التيلومير"، وهو تسلسل جيني طويل ينتهي بمواد توقف عمله تشبه طرف ربطة الحذاء النحاسية أو البلاستيكية. ومع التقدم في العمر تتقلص النهايات، ويتوقف نشاط الخلايا، واكتشاف العلماء لهذه الآلية يسهم في تنشيطها كما حدث مع فئران التجارب، والله أعلم!