رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل ارتفاع أسعار النفط محتمل؟

تراجعت أسعار النفط في بداية الأسبوع الأخير من آذار (مارس) قبل أن تقترب من أعلى مستوياتها في عدة أعوام بسبب المخاوف الجيوسياسية، حيث وصلت أسعار خام برنت إلى 70 دولارا للبرميل وخام غرب تكساس الوسيط عند 65 دولارا للبرميل. لكن، الضغوط الجيوسياسية يمكنها فقط أن تؤثر في أسعار النفط إلى درجة معينة وذلك لأن أسواق النفط أصبحت أكثر إحكاما من حيث العرض والطلب. لقد أدت الانخفاضات المستمرة في إنتاج فنزويلا والمخاوف من التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة وإيران إلى رفع علاوة المخاطر على أسعار النفط بصورة كبيرة، على الرغم من أن بعض العوامل قصيرة الأجل أدت أخيرا أيضا إلى ارتفاع الأسعار.
كان التقرير الأسبوعي لإدارة معلومات الطاقة الأمريكي مربكا بعض الشيء. حيث قفز إنتاج الولايات المتحدة من النفط مرة أخرى بمقدار 26 ألف برميل يوميا في الأسبوع المنتهي في 23 آذار (مارس) إلى 10.433 مليون برميل يوميا، وهو رقم قياسي آخر. مع ذلك، لم يكن التقرير هبوطيا تماما على الأسعار. على الرغم من ارتفاع مخزونات النفط الخام، إلا أنها ارتفعت بمقدار بسيط بلغ 1.6 مليون برميل، ويعود جزء كبير منه إلى قفزة كبيرة في الواردات. وبشكل أكثر وضوحا، انخفضت مخزونات البنزين بحدة بمقدار 3.5 مليون برميل.
بعبارة أخرى، الإنتاج الأمريكي يرتفع بالفعل، ولكن لا يبدو أنه يغمر الأسواق، على الأقل حتى الآن. يتوقع عدد من المحللين أن الطلب على النفط قوي لدرجة أن الأسواق ستواصل التشدد، حتى بعد الأخذ بعين الاعتبار النمو الكبير في إنتاج النفط الصخري الأمريكي. في هذا الجانب، ذكر تقرير لوود ماكنزي "سيكون هذا العام هو العام الثامن من النمو المستمر منذ الأزمة المالية الكبرى وللسنة السابعة على التوالي بمعدل نمو سنوي يزيد على مليون برميل في اليوم". وأضاف "تشير أحدث توقعاتنا إلى أن الطلب سينمو بمعدل 1.7 مليون برميل في اليوم في عام 2018، وهو خامس أعلى معدل في هذا القرن".
في الواقع، بعض الضعف في أسعار النفط في الآونة الأخيرة يمكن أن يعزى إلى المخاوف من حرب تجاريةtrade war، الأمر الذي قد يؤثر في توقعات النمو الاقتصادي. في هذا الصدد، قال وود ماكينزي: "إن الخطر الأكبر الذي يهدد النمو الحاصل في الطلب على النفط هو حرب تجارية قد تقوض الاقتصاد العالمي". مع ذلك، فإن ارتفاع أسعار النفط في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، كما يقول بعض المحللين، هو على الأقل جزئيا نتيجة لتراجع هذه المخاوف التجارية. حيث تراجعت أيضا المخاوف بشأن الطلب بسبب انحسار حرب تجارية محتملة.
في الوقت نفسه، يعود بعض الإسناد لارتفاع أسعار النفط إلى انتعاش في أسواق الأسهم المالية العالمية بعد عمليات البيع الأخيرة. أسواق الأسهم في تحسن وهذا يدعم الإقراض لقطاع النفط. كما قدم استقرار الدولار بعض الدعم لأسعار النفط الخام.
مع تضاؤل المخاوف بشأن حرب تجارية، وارتفاع الأسهم العالمية، انتعشت أسعار النفط. على الرغم من أن هذه العوامل القصيرة الأجل لعبت دورا في دعم مؤشرات النفط الخام، إلا أنها تحدث في ظل أسواق نفط أكثر تشددا. فائض مخزونات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يقل الآن عن 50 مليون برميل، في حين تجاوز الفائض 300 مليون برميل في العام الماضي. وبالفعل، ترى وكالة الطاقة الدولية أن أسواق النفط قد تتحول إلى عجز في العرض في هذا الربع، وسيرتفع حجم عمليات سحب المخزون في النصف الثاني من العام. وتلعب عمليات خفض الإنتاج الطوعي فقط دورا محددا في هذا. الانقطاعات غير الطوعية في إنتاج فنزويلا تؤثر بشكل أكبر، لأنها تعني أن منظمة أوبك تقلص إنتاجها بأكثر بكثير مما كان متوقعا في الأصل.
طالما حافظت "أوبك" على معدلات خفض الإنتاج الحالية، فإن أسواق النفط ستستمر في التشدد، حتى بعد الأخذ بعين الاعتبار نمو النفط الصخري في الولايات المتحدة. هذا وقد أشارت منظمة أوبك في أكثر من مناسبة إلى أنها تدرس تمديد التخفيضات لستة أشهر أخرى، ما يدفع تاريخ انتهاء الاتفاق إلى منتصف عام 2019. وإذا استمرت المنظمة في ذلك، هناك فرصة كبيرة جدا لوجود مجال أكبر على الجانب الصعودي لأسعار النفط.
ومع ذلك، هناك عدد قليل من الشكوك التي من شأنها أن تقلب أي توقعات معقولة بشأن أسعار النفط. على الجانب "الهبطوي"، إذا تخلت "أوبك" عن التخفيضات، أو بدأت بتقليص تدريجي للتخفيضات في وقت أقرب مما هو متوقع، أو نقحت الاتفاق لتأخذ في نظر الاعتبار التراجع الحاد في الإنتاج الفنزويلي، أو ببساطة بدأ الأعضاء بخفض مستوى الالتزام، عندها يمكن أن تنخفض أسعار النفط بشكل ملحوظ. ولكن، في الوقت نفسه هناك مزيد من المخاطر على الجانب التصاعدي. الأخطر في ذلك هو احتمال عودة العقوبات على إيران من قبل الولايات المتحدة، التي يمكن أن تحد من قدر كبير من العرض. الأسوأ من ذلك، يمكن لهذا التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران أن يتوجه إلى طريق خطير ينتهي بالحرب. وفي الوقت نفسه، يستمر إنتاج فنزويلا النفطي في الهبوط.
باختصار، لأن نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة قد تم بالفعل آخذة في نظر الاعتبار في توقعات أسواق النفط الحالية، فمن المحتمل أن يكون خطر أسعار النفط أكثر مائلا نحو الاتجاه الصعودي بسبب تنوع المخاطر الجيوسياسية الموقوتة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي