الكتابة الاقتصادية .. في الصحافة السعودية
كتبت تحت هذا العنوان مقالا في هذه الجريدة عام 2002 وقلت في المقدمة: "في عالمنا العربي يمكن للخياط أن يصبح خبازا وللسباك أن يصبح مطربا وللاعب كرة القدم أن يتحول إلى ممثل لكن الكتابة لاسيما المتخصصة تكشف من يدعي أنه فارس من فرسانها ولذا ظل ميدان الكتابة الاقتصادية في بلد من أهم مراكز الثقل الاقتصادي في العالم مثل السعودية خاليا".. وأضيف اليوم أن هناك بعض الكتاب القلائل جدا ممن يجيدون الكتابة الاقتصادية ولو أن قطاع النفط وهو من أهم القطاعات الاقتصادية في بلادنا يظل بعيدا عن التحليل العميق والتغطية المتخصصة كما في دول نفطية أخرى.. لكن الصفة الطاغية في كتاب الاقتصاد حاليا وضع صفة عامة مثل (المحلل الاقتصادي) أو (المحلل المالي) حتى لو كان يجهل ألف باء التحليل المتخصص وأسهمت الفضائيات التجارية في إضفاء تلك الألقاب على من تقوم باستضافتهم دون السؤال عن مصدر هذا اللقب.. ويقول زميل من المتخصصين في الشأن الاقتصادي إن بعض المتحدثين في التلفزيون يرتجلون الحديث في القضايا الاقتصادية ومنهم من يخطئ في استخدام أبسط المفاهيم والمصطلحات الاقتصادية وأضيف إلى ما قاله الزميل العزيز إن هناك ألقابا أخرى أصبحت توزع بالمجان رغم أهميتها مثل محلل سياسي ومحلل اقتصادي.. بل محلل استراتيجي وهذا يدعو إلى طرح فكرة ذكرتها أمام وزير الثقافة والإعلام أثناء اجتماع لكتاب الرأي معه أخيرا أن يكون هناك مرجعية لمنح هذه الألقاب.. لكيلا يخدع الناس بحديثهم الذي قد يقود إلى خسارة مادية كما حصل في أزمة الأسهم التي حدثت قبل سنوات حيث تصدى من يدعون أنفسهم تارة بالمحلل المالي وتارة بالمحلل الفني لحث الناس على شراء أسهم معينة لمصلحة خاصة لهم ولشركاء معهم ثم كانت النتيجة خسارة فادحة لجمهور عريض من المتعاملين في السوق.. ولعل أفضل جهة يمكن أن تمنح تلك الألقاب ونحن في مرحلة الترشيد والمراجعة لكل جوانب حياتنا هي وزارة الثقافة والإعلام بالتعاون والتشاور مع الجهات ذات العلاقة.. فالمحلل الاقتصادي يمكن أن تتأكد منه جمعية الاقتصاد والمحلل المالي مرجعيته جمعية المحللين الماليين مع هيئة السوق المالية والمحلل السياسي معهد الأمير سعود الفيصل الدبلوماسي بوزارة الخارجية والمحلل العسكري والاستراتيجي الجهة المختصة في وزارة الدفاع.
وأخيرا: ستكون هذه الخطوة مناسبة جدا مع مرحلة التدقيق والحرص على التخصص في كل شيء وستضفي مزيدا من المصداقية على المتحدثين والكاتبين في الشأن السياسي والاقتصادي والاستراتيجي الذي يتابعه الناس هذه الأيام بكل اهتمام وهي خطوة مهمة لتنقية الساحة من بعض المتدثرين بالألقاب رغم ضحالة ما يقدمون عبر وسائل الإعلام المختلفة وبذلك يبرز دور المتخصص الحقيقي الذي يتردد حاليا في أن يضع نفسه بجانب أدعياء التخصص لاسيما في المجال الاقتصادي.