دعم نشر الكتاب السعودي

الأجواء في الرياض هذه الأيام تعبق بالثقافة والتراث؛ ولذا فإن أي كاتب حتى لو كان في مطبوعة اقتصادية لا بد أن يتناول هذه الجوانب؛ ليكون متوافقا مع مهرجان الجنادرية الذي يعطر سماء مليحة العرب بالأدب والموروث الأصيل، ومع معرض الرياض للكتاب الذي نستعد له مع مطلع الشهر المقبل، ولعل الغائب الوحيد في هذا العرس الثقافي الكبير هي جهة تملك الإمكانات لتتولى نشر الكتاب السعودي وتوزيعه في الداخل والخارج، بل إن الناشرين لا يرد ذكرهم إلا حينما يحلو للبعض انتقادهم ووصفهم بالجشع وأنهم سبب إفلاس الشعراء والأدباء. وينسى هؤلاء أن النسبة التي تتقاضاها شركات المطابع والتوزيع تفوق كثيرا ما يتبقى للناشر الذي يتحمل العبء الأكبر في إجازة النص ومسؤولية نشر الإنتاج. ومن هنا فإن وزارة الثقافة والإعلام والقائمين على المهرجان الوطني للتراث والثقافة مدعوون إلى الاهتمام بدور النشر وقطاع الناشرين ودعوتهم وتشجيعهم لنشر مزيد من الكتب الجيدة لأن الكتاب يعد المرآة الحقيقية لمستوى ثقافة أي مجتمع. وسيجد الجميع أن الكتاب السعودي قد بلغ مستوى مشرفا على النطاق المحلي والإقليمي، بل والعالمي لو أتيحت له فرصة الترجمة إلى لغات أخرى.
وما دمنا قد ذكرنا الترجمة فإن من المناسب مناشدة الدكتور عواد العواد وزير الثقافة والإعلام أن يتبنى إنشاء صندوق لدعم نشر الكتاب السعودي وترجمته، بحيث يسهم في هذا الصندوق، إضافة إلى الوزارة الشركات والمصارف ورجال الأعمال المعروفون بدعمهم وتشجيعهم لنشر المعرفة والثقافة. وسيكون هذا العمل رافدا مهما ومساندا للدور الحضاري الكبير الذي تقوم به وزارة الثقافة والإعلام، وسيتولى هذا الصندوق مساعدة دور النشر للتركيز على الجيد من الكتب واختيار كتب من ثقافات الشعوب الأخرى لترجمتها إلى العربية وبالعكس.
وحتى نرى القصور الحاصل على مستوى العالم العربي في مجال الترجمة نورد إحصائية سبق نشرها من إحدى الهيئات المتخصصة تبين أن نسبة الكتب المترجمة لعدد السكان في العالم الغربي تبلغ 400 كتاب لكل مليون نسمة، بينما في العالم العربي 37 كتابا فقط لكل مليون شخص. ويتضح ذلك النقص الكبير الذي لن يتم التغلب عليه إلا بتشجيع حركة النشر والترجمة والاهتمام بالكتاب الذي يشكو هذه الأيام مع وجود وسائل النشر الإلكترونية السريعة.
قد يقول قائل: إن الشعوب العربية لا تقرأ كما يفعل الغربيون الذين تراهم في الطائرات والقطارات يدفنون رؤوسهم في كتاب كبير أو كتيب صغير طوال الرحلة. وأقول لهؤلاء إن توافر الكتب بأسعار وأحجام مناسبة وفي جميع المجالات والتخصصات سيعوّد الجيل الجديد على القراءة، خاصة بعد أن تتعب عيون الشباب من شاشات أجهزتهم الذكية ويقررون العودة إلى خير جليس في الأنام.
وأخيرا: سبق أن صدر قرار من مجلس الوزراء في عام 1407هـ بشراء كمية معينة من كتب المؤلفين السعوديين، وقد تعطل هذا القرار فيما بعد بسبب عدم توافر الاعتمادات، والآن وقد توافرت الاعتمادات، إضافة إلى دعم الصندوق المقترح فإن وزارة الثقافة والإعلام يمكنها تنفيذ القرار وتحقيق الهدف الذي أصدر من أجله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي