سؤال واحد ينبغي للقياديين طرحه على أنفسهم
يتطلب الإبداع والابتكار وجود قياديين يوفرون البيئة المناسبة لتمكين الآخرين.
لم تتوقع شركة العناية الشخصية التي كانت جزءا من محفظة تسريع الأعمال التي أديرها أن تنجح في تقاسم السوق مع كبريات الشركات المتخصصة في المجال نفسه. يعود الفضل في ذلك إلى التجارة الإلكترونية التي توفر فرصا واعدة كما هو متوقع منها.
المزايا التنافسية التقليدية التي تعول على عامل الحجم والوقت في طريقها إلى الزوال. حيث تقوم نماذج الأعمال المدعومة بالتكنولوجيا في كثير من الحالات، بتحويل الشركات المعتمدة على الحجم إلى شركات ذات إمكانات متواضعة.
فشركة مثل أوبر لا تمتلك سيارة واحدة، وموقع "إير بي إن بي" لا يملك أي غرفة فندقية. وهناك تطبيق واتساب الذي يمتلك الحد الأدنى من الأصول، ونجح في ضم أكثر من مليار مستخدم في غضون ست سنوات فقط، وهو رقم استغرق عقودا من كبريات شركات الاتصالات للوصول إليه. وفي القطاع المالي، أصبحت منصات الإقراض المباشر أو ما يعرف بـ peer to peer lending أكثر جاذبية من المصارف.
قد تواجه الشركات الحالية أزمة وجودية مع زوال المزايا التقليدية، وتدني عقبات دخول الأسواق ونمو نسبة التغييرات الجذرية في الأسواق ما يتطلب منها الاستفادة من ميزة جوهرية يتفوقون فيها على الشركات الناشئة، ألا وهي امتلاكهم المواهب من أصحاب الخبرات.
تكافح معظم الشركات الناشئة في سبيل إيجاد أفضل المواهب، التي تمتلكها الشركات الناجحة بوفرة.
لا يبدو أن هذه الميزة تشكل فرقا كبيرا بما أن الابتكار يثير حفيظة الشركات. لطالما كنت مذهولا من إبداء كبار التنفيذيين في شركات كبرى الرغبة في توجيه وإرشاد الشركات الناشئة من دون مقابل، واعتبروا العملية مجزية للغاية. حماسهم واضح للعيان، ولكنه يعكس أيضا حقيقة أنهم لا يحصلون على مثل تلك الفرص في العمل.
ذلك مخيب للآمال خاصة أن الشركات الناجحة التي تحتضن أفضل المواهب، من المفروض أن تطرح عديدا من الأفكار وتقوم بتوجيه الآخرين.
الركائز المفقودة
غالبا ما أجتمع بتنفيذيين يطورون أفكارهم بطريقة غير معلنة "نفس في القطاع الذي يعملون فيه معظم الأحيان" ، أشعر أن المشكلة تكمن في الإدارة المتوسطة والعليا التي تفشل من تمكين موظفيها. وربما لا يجب إلقاء اللوم على هؤلاء القياديين أيضا. أيقنت بعد تصفح السيرة الذاتية لعديد من الرؤساء التنفيذيين في بعض مواقع التوظيف العالمية، أن التوصيف الوظيفي غالبا ما يكون بعدة صفحات "بالطبع مع تكرار كلمة ابتكار باستمرار". فالشرح المطول، والأقسام المتعددة، أعطتني فكرة عن كيفية إعطاء الشركات الكبرى الحرية للتنفيذيين ضمن أطر معينة تعطيهم حرية التحرك ولكن فقط في مسارات محددة مسبقا. لا يمكن لمثل هذا النهج النجاح في تعزيز بعض الابتكارات غير المحسوبة.
إطلاق المواهب
كيف تستطيع المؤسسات إطلاق عنان المديرين الأذكياء من ذوي الخبرة، حيث يصبحون أشخاصا فاعلين في نشر ثقافة الابتكار، بدلا من أن يكونوا مجرد رعاة؟
يستطيع القياديون مساعدة الآخرين من خلال توجيه أسئلة لهم. وسأورد هنا قصة ستظهر سؤالا حاسما يجب على القياديين أن يسألوه لأنفسهم في حال رغبتهم في أن يصبحوا مؤثرين.
روى هذه القصة الواقعية راجيف باجاج، أحد قادة الأعمال المثيرين للإعجاب، والمدير العام لشركة باجاج أوتو الذي يعود له الفضل في تحويل شركته لإحدى كبريات شركات صناعة السيارات في الهند.
دعت شركته قبل عدة سنوات بروفيسورا يابانيا بارزا كمستشار لطرح خط إنتاج واعد. وعند وصوله الهند، ذهب بجاج للقائه في الفندق والترحيب به.
بعد تبادل أطراف الحديث مع الأكاديمي البارز، اتخذت المحادثة منحى من هذا القبيل:
البروفيسور الياباني: ما عملك؟
التنفيذي: نائب الرئيس للمنتجات.
ذلك يعبر عن توصيفك الوظيفي، أرغب في معرفة طبيعة عملك؟
حسنا، أصنع الدراجات النارية.
كم دراجة صنعت اليوم؟
لا أصنعها شخصيا. لدي موظفون يصنعونها.
حسنا، ما طبيعة عملك؟
أبيع الدراجات.
كم دراجة بعت اليوم؟
أنا لا أبيع الدراجات شخصيا، لدي فريق يقوم بذلك.
حسنا، ما طبيعة عملك؟
أقوم بتصميم الدراجات.
كم تصميما أنجزت اليوم؟
بعد فترة صمت غير مريحة:
ماذا باعتقادك أنا أعمل؟
أنت مسؤول عن أمر واحد فقط: مساعدة الآخرين على أداء عملهم بشكل أفضل.
كان ذلك مثالا بسيطا يعطي قادة الأعمال فكرة واضحة عن طبيعة دورهم. في اليوم التالي، زار البروفيسور مكتب الشركة، وتناول الغداء مع الشخص نفسه.
سأل البروفيسور السؤال ذاته مرة أخرى : حسنا ما طبيعة عملك؟
أساعد الآخرين على أداء عملهم بشكل أفضل.
كم شخصا ساعدت اليوم؟
وفقا للقصة أعلاه، نجد أن التوصيف الوظيفي لجميع المديرين الكبار يجب أن يكون ببساطة: مساعدة الأشخاص على أداء عملهم بشكل أفضل، بغض النظر عن التركيز على تقليل الالتباس. يعطي هذا التوصيف نوعا من التشجيع والشغف في بيئة العمل ويحفز الإدارة العليا للعثور على هدف أكبر.
لا يمكن للشركات فرض الابتكار بشكل إجباري في حال رغبت في الاستعداد للمستقبل، بل عليها جعل الأمور تتخذ منحى طبيعيا دون إكراه. ولتحقيق ذلك، يجب عليهم مساعدة القياديين على تعزيز الإبداع والابتكار بشكل طبيعي أيضا. فما طبيعة عملك؟