توظيف المرأة اقتصاديا
ذكرت سيدة لا تعرف كثيرا عن اقتصادات سوق العمل أن من الأفضل توظيف أكبر عدد من النساء المستعدات للتدريس براتب أقل، بدلا من حصر المهنة على عدد محدود برواتب عالية نسبيا وجداول مضغوطة، بينما كثير في حالة انتظار دائم. في البداية لم أر كثيرا في رأي هذه السيدة من منطلق المساواة في الأجور خاصة أن لدى المملكة توجهات نحو الانفتاح الاجتماعي، وتعوّد كثير من العائلات على دخل مريح، والربط في أذهان كثيرين بين الإصلاح الاقتصادي وزيادة الدخل.
تغير الاستحقاق الاقتصادي "الحالة المالية" والمنطق الاقتصادي "إعادة هيكلة سوق العمل والتعليم"، ولذلك لابد من حلول جديدة. ما بدا وكأنه خطوة جيدة وحتى تقدمية في الماضي أصبح اليوم أقرب للترف أو يصعب الدفاع عنه اقتصاديا.
يتحدث كثير لدينا عن البطالة وكأنها العدو الأول لسوق العمل بسبب نقص التفكير من منظار اقتصادي جمعي، حيث إن نسبة المشاركة في سوق العمل أهم من البطالة، خاصة أن السبب الرئيس في نقص المشاركة يعود إلى تدني مشاركة المرأة. كذلك لا يمكن إنكار أن فاتورة الرواتب عالية، خاصة أن السكان في نمو والحكومة تاريخيا وحاليا تسعى لأعلى درجة ممكنة من العدالة المجتمعية. الحقيقة الاقتصادية التي لابد من قبولها أن أجور القطاع الخاص منخفضة وستستمر منخفضة للأغلبية، ولذلك تجد الأغلبية أن أجور القطاع العام جاذبة. يمكن أن نقسم سوق العمل لأغراض الفهم والتحليل ولكن تصعب تجزئتها لأغراض تنفيذ السياسات العامة بسبب ظاهرة spillover - سهولة انتقال الناس والتكيف مع المتطلبات البيروقراطية والاستعداد لاستغلال الفجوات. تقليص رواتب ومهام المعلمات المستجدات في المدارس العامة له عدة تأثيرات اقتصادية، منها رفع نسبة المشاركة في سوق العمل "إقبال النساء على التدريس يعكس نسبيا الفرص المتوافرة لهن"، وبالتالي هناك عرض كثير بما لا يتناسب مع رواتبهن مقارنة بالرجال - حالة مؤقتة لحين إيجاد توازن جديد في المدى البعيد. أحد أوجه التوازن أن تعلم النساء المراحل الأولى للأولاد. والآخر أن العلاقة بين الأجور في القطاعين الخاص والعام مركزية في توجهات المملكة الاقتصادية، تأثير آخر في إعادة التوازن بين الاستهلاك المترف والاستهلاك المتوازن "الفرق بين رواتب عالية لقلة ووظائف كثيرة لأعداد أكبر".
سوق العمل تتعرض لتشوهات كبيرة لا يمكن حلها من خلال الرسوم فقط أو نظام نطاقات. سوق العمل مرتبطة بعوامل كثيرة متشعبة بعضها سلوكي وبعضها تعليمي وبعضها مرتبط بهياكل اقتصادية غير إنتاجية متراكمة. الربط بين تخفيض رواتب المعلمات لزيادة أعدادهن جاء في بالي حين ذكر أحد رجال الأعمال أنه يمكن تحمل رسوم العمالة في المرحلة الأولى ولكن يصعب أن تربح الشركة بعد عدة سنوات "صناعة تناسب النساء" علما أن الشركة تدفع نحو 4500 ريال للنساء. هناك علاقة عضوية في سوق العمل بين توظيف المرأة في التعليم ومشاركة المرأة في سوق العمل وتوطين الوظائف ومستوى الأجور وسلامة الحالة الاقتصادية لسوق العمل. لن تكون هذه خطوة كافية للتعامل مع التشوهات، ولكنها خطوة ضرورية ستغير طبيعة سوق العمل والمنافسة فيها وارتفاع الإنتاجية عموما قد يزيد في مرونة سوق العمل.
أعتقد أن أكبر عائق هو التعلق بالماضي وتعريف العدالة المبسط والتعود على درجة عالية من الاستهلاك وتغلب سياسة "من سبق لبق". أحد إفرازات المرحلتين الماضية والحالية سلوكيا أن كثيرا يعتقد أن هناك حلولا سحرية دون تضحيات. تفكيك خلفية الماضي وإعادة النظر للأمور من منطلق اقتصادي وعين على المستقبل تتطلب مرونة ذهنية وشجاعة. الأمل في "الرؤية وبرامج التحول الاقتصادي" والشجاعة في الحد من الفساد، حيث إن بعض الممارسات أسوأ من الفساد العارض. سوف يشتكي كثير ولكن الاستمرار في الخطأ أخطر من تحمل بعض التبعات لما فيه من مصالح أكثر لأكبر عدد ممكن.