التشهير .. عقوبة بعد الحكم القضائي
قرار مجلس الوزراء الصادر أخيرا بالتشهير بمخالفي نظامي السياحة والآثار والمتاحف والتراث العمراني خطوة موفقة اقترحتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ووافق عليها المجلس. ويقول خبراء القانون، إن تطبيق التشهير من شأنه الحد من التجاوزات والالتزام بالأنظمة، وتعد عقوبة التشهير من أهم أساليب ردع المخالف عن ارتكاب أفعاله مرة أخرى.. وكانت بعض الجهات الحكومية مثل وزارة التجارة قد قامت بتطبيق هذه العقوبة على المخالفين ومنهم مصدرو الشيكات بدون رصيد وبعض تجار السيارات وغيرهم بحيث ينشر إعلان التشهير على حساب المخالف في جريدة أو أكثر.. وقد حقق إجراء تطبيق هذا النوع من العقوبات نتائج إيجابية، حيث إن أهم ما يؤلم المخالف المساس بسمعته إن كانت لديه النية بأن يستمر في العمل التجاري.. ومثل ذلك سينطبق الآن على الفنادق والشقق المفروشة والمتنزهات التي يشتكي الناس من سوء مستوى بعضها وتلاعبها بالأسعار وعدم اهتمامها بالنظافة المطلوبة ما يشوه مناطقنا السياحية الجميلة.
وبعد وزارة التجارة ومبادرة الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني باقتراح هذه العقوبة على الجهات الحكومية الأخرى ذات العلاقة بتقديم الخدمات للمواطن، أن تسارع إلى إضافة هذه العقوبة لأنظمتها لكي تسمي الأشخاص والمؤسسات والشركات بأسمائها بدل أن يقال في البيان الرسمي إن شخصا من جنسية آسيوية أو عربية قد ارتكب جريمة من أي نوع من أنواع الجرائم، ثم نفاجأ بوسائل التواصل الاجتماعي تفصح عن اسمه ومعلوماته، بل وتصويره أثناء ارتكاب الجريمة.. والمهم هنا ـ وكما يقول أهل القانون أيضا ـ إن عقوبة التشهير يجب أن تستند إلى حكم قضائي وليس لمجرد الاتهام وهذا ما يحمي الجهة المطبقة للعقوبة من دعوى التعويض التي قد ترفع عليها أمام القضاء، كما أن التشهير يجب أن يكون عبر الصحف المرخصة رسميا ولكننا نرى الآن أن وسائل النشر الأخرى قد تسبق الصحف الرسمية أحيانا.. ويرى البعض أنه اعتداء على التاجر خاصة إذا كان قبل صدور الحكم القضائي عليه.. ولا يقتصر التشهير على التجار المغالين في الأسعار أو مرتكبي الغش التجاري بأنواعه فقط، بل إن هيئة السوق المالية تشهر بالمخالفين لأنظمتها على موقعها وفق قواعد وضوابط منصوص عليها في نظام الهيئة وبعد صدور حكم لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية.. وحتى الأدباء والمؤلفون يطولهم التشهير عند مخالفة نظام حماية حقوق المؤلف الذي نص في المادة الثانية والعشرين على أنه يجوز للجنة المختصة أن تضمن قرارها عقوبة التشهير بحق المعتدي ويكون النشر على نفقته وبالطريقة التي تراها اللجنة مناسبة.
وأخيرا، إن عقوبة التشهير موجودة في معظم الأنظمة الصادرة من قبل ولكنها لم تفعل خاصة أن بعضها تمت صياغته بأسلوب "يجوز" وحان الوقت لإعادة النظر فيها جميعا وجعل عقوبة التشهير ملزمة وفق ضوابط وحكم قضائي، وسيكون هذا الإجراء متوافقا مع مرحلة الحزم وإعادة النظر في الأنظمة والإجراءات لضبط الأعمال والحد من المخالفات بقدر الإمكان لكي تقدم الخدمات للمواطن بشكل أفضل ولكي تختفي من حياتنا عبارة "من أمن العقوبة خالف الأنظمة" التي استفاد منها المخالفون في السنوات الماضية.