رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التجنيد .. والاقتصاد

حين تذكر التحديات المجتمعية أيا كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، غالبا ما يذكرك محاورك بأهمية التعليم وكان هناك خلاف حول أهمية التعليم. بعدها عادة تدخل في نقاش يغلب عليه التحليق المثالي في تباعد سريع عن الواقع. يصور التعليم على أنه سلم يقاس بالمراحل وحتى الجامعة بعيدا عن تراكم المعرفة أو القوى الاقتصادية. لا أعرف سببا لهذه النزعة نحو "التحليق" ولذلك لن أدخل في تخمين حولها خاصة أنها تحتل مدى واسعا يمتد من التبسيط الساذج إلى التعلق ببدايات النهضة الإسلامية. التقدم الحقيقي يحدث من خلال خطوات عملية تضافرية ذات مردود مثبت ومعروف حتى لو أن قياسها مختلف عليه. إذا لا تؤمن أن هناك نقصا واضحا في تأهيل الشباب في المهارات الفنية والشخصية فلا داعي لمواصلة القراءة. تمكين الشباب بالمهارات الفنية والسلوكية إعداد اقتصادي من الدرجة الأولى. إحدى هذه الخطوات التجنيد الذي قد يأخذ طابعا إجباريا أو اختياريا لزيادة قدراتنا على مواجهة الأزمات وتنمية المهارات والإحساس بالمشاركة منذ عمر مبكر. هناك فائدة عامة للتجنيد كما تدلل تجارب دول كثيرة، ولكن أرى أن الفوائد مضاعفة في المملكة.
هناك فوائد عامة كثيرة طبقا لتجربة الدول التي تأخذ به مثل فنلندا وسويسرا والسويد وغيرها، فهناك تنمية المهارات الفنية والمعرفية من خلال مجالات فنية متعددة "رأسمال بشري" وتنمية شبكة علاقات اجتماعية ضرورية للتعارف والتعاون "رأسمال اجتماعي" وتمكين من الانضباط والتصرفات السلوكية الصحية "رأسمال ثقافي"، هذه مجتمعة من مكونات رأسمال عسكري لحماية الوطن وقاعدة للأداء الاقتصادي الجيد. الحالة في المملكة مثل غيرها في هذه الدول ولكنها أيضا تزيد عليها في مدى الحاجة، حيث هناك تركيبة سكانية وعمالية مؤاتية، كما أن هناك نقصا في مقومات التعليم والمهارات والانضباط. هناك فائض مؤثر من الشباب يذهب للجامعات لدراسة علوم اجتماعية وإنسانية ليست لهم رغبة في دراستها وغالبا غير مؤهلين لدراسات أكاديمية جادة. الأحرى توجيه هؤلاء للتجنيد لأسباب متعددة، ومنها إعدادهم لاقتصاد أكثر حيوية وتفاعلا مع متطلبات سوق العمل وإعادة هيكلة سوق العمل والتعليم.
بدلا من توجه هؤلاء لدراسات لا تخدمهم وتبعدهم عن النواحي العملية والتطبيقية من الأفضل انخراط هؤلاء في التجنيد بطريقة تراعي مصالحهم والمصالح الوطنية. تكون المدة من 18 شهرا إلى سنتين يكون أغلبها تعلما فنيا مباشرا وفي منطقة مختلفة عن منطقة المشارك. أحد نواقص التجربة التنموية لدينا التردد في التجريب. لذلك أقترح أن يبدأ البرنامج بنحو 1000 شاب يوزعون على أربع أو خمس قواعد عسكرية، ويشدد على التمكين من المهارات والمعرفة الفنية وليس الإدارية. لابد من التفكير في هيكل الحوافز كالأفضلية للقبول في الكليات العسكرية أو الجامعات لاحقا "أو المكافآت والرسوم لو حدث تغيير جذري في إدارة التعليم الجامعي".
هناك تقاطعات بين الاقتصاد والتعليم والعمل وحتى التطور المجتمعي خاصة أننا بصدد تحول اقتصادي، أحد هذه التقاطعات المجربة التجنيد وليكن اختياريا وبأعداد معقولة لدراسة التجربة وتطويرها تدريجيا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي