رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التفكير كوني والعمل محلي .. الكوريتان مثالا

كثيرون تابعوا الأزمة الكورية والمخاطر المترتبة عليها وتعقيداتها التي يجد المختصون صعوبة في الإلمام بها وتبعاتها بما في ذلك إمكانية استخدام السلاح الذري. الجديد بالنسبة لي غياب "المختصين" الكوريين عن الساحة الإعلامية بما في ذلك الأكاديميون والكتاب والصحافيون على الأقل في محطات التلفزة والصحف الغربية، وهذا يشمل الكوريتين. استقيت المقارنة من متابعة الشأن العام في التجاسر المبسط على الأوضاع العامة لدينا. لاحظ أن الكوريتين مختلفتا النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي ولكن ما يجمعهما أقوى من التنظيمات، تجمعهما البنية التحتية الثقافية والانضباط المجتمعي. هناك مراكز فكرية وبحثية كورية وكتاب وصحافيون ومهتمون، وهناك اختلافات في وجهات النظر ولكن الجبهة الداخلية متماسكة وتخدم كوريا سواء الجنوبية أو الشمالية. الباحث الكوري يجد مادته في دراسة الحالة ومحاولة إيجاد الصيغ المثلى والحلول الناجعة الوطنية وليس حالة من الارتقاء الأيديولوجي والتعلق الميتافيزيقي والصيد في الماء العكر والخلط بين العملي والنظري والاستقواء بالأجنبي على حساب مصالح البلد.
البنية التحتية الثقافية تعبر عنها رغبة الكوري في العلم والتعلم والانضباط لحين حصلوا على حالة من التوازن بين السلطة الهرمية وأحيانا التسلط ومصداقية الأداء والمنافسة الداخلية - توازن دقيق ولكنه مثمر في المدى البعيد. يعبر عنها أيضا سعي الباحث والكاتب الكوري للبحث المعرفي المعمق وليس الانسياق وراء المثير على حساب المضني أو التسابق على الظهور الإعلامي دون استعداد للموضوع أو المراهنة على الغيبيات مقابل المحسوس. الكوريتان حالة شيقة وجديرة بالدراسة والتحليل. حظيت كوريا الجنوبية بكثير من الانتباه المستحق لما أنجزته في السلم الاقتصادي والأفق التنموي ولم يعد نجاح كوريا جديدا على أي مراقب، أحيانا تعتبر مثال تفوق حتى على اليابان في الفترة الزمنية التي قطعتها للانتقال من العالم الثالث إلى العالم الأول، فكثيرا ما توظف من قبل المختصين كمثال للتنمية الاقتصادية المستدامة. إلى هذا الحد ليس هناك جديد. ولكن في نظري أن هناك زاوية لم تعط حقها في التحليل والتمحيص على الرغم من السلبيات الجلية في تجربة كوريا الشمالية التي لن ينادي أحد بقبولها كمثال يحتذى به. ولكنني أرى علاقة وثيقة في العمق بين التجربتين على الرغم من اختلاف التنظيم السياسي والاقتصادي.
ما يهمني عن تجربتي الكوريتين هو محاولة محاكاة الطرق المستقلة الأصلية التي تأخذ بها الأمم للتطور والتحديث. هناك مقولة في علم الإدارة تذكر أن علينا أن نفكر كونيا ونعمل محليا. المتبحر في التجربتين الكوريتين الجنوبية والشمالية يرى ذلك شاهدا خاصة في كوريا الجنوبية، وإلى حد أقل في كوريا الشمالية من خلال العلاقات الخارجية خاصة التجارية لخدمة أهداف الداخل لمزيد من النجاح خارجيا لتعميق المعرفة داخليا في دائرة خيرة لخدمة البلاد. هناك مؤشرات تدل على أخذ كوريا الشمالية بسياسات اقتصادية مشابهة لتجربة الصين قبل أربعة عقود. ميدان التنمية الاقتصادية الحقيقي هو الاقتصاد السياسي، من هذا المنطلق تأتي السياسات الحصيفة والمؤثرة في نظري من خلال العامل الأهم: النسيج الثقافي الذي يؤمن بمركزية العمل التضافري وعامل الإضافة التدريجي من خلال المعرفة. ليس مصادفة أن أعلى نسبة من الطلاب الأجانب الذين انخرطوا في أحسن الجامعات الأمريكية من كوريا.
في هذا العمود لست بصدد المقارنة ولا حتى مدلولات استنساخ التجربة خاصة أنني أعطيت اهتماما للجانب الثقافي ولكن فرصة للتأمل ومحاكاة من اختار استنقاص ثقافته أو الاستقواء بالأجنبي أو الاستعداد للنقد دون قراءة وتأمل أو أحيانا عدم الاستعداد للقراءة والدراسة العميقة قبل النقد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي