طاقة الرياح زخم علمي أم إعلامي؟
بداية أود أن أوضح للقارئ الكريم أن الطاقة المتجددة بأنواعها المختلفة من وجهة نظري، لا تعتبر هاجسا يؤرق منتجي الوقود الأحفوري عموما ومنتجي النفط والغاز على وجه الخصوص. أرى أنه إذا كان هناك هاجس، فهو هاجس تطوير كفاءة إنتاج هذه المصادر المتجددة من الطاقة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح موضوع مقالنا هذا وغيرهما من المصادر الأخرى. أعزي ذلك إلى سببين رئيسين أحدهما يتعلق بالبيئة والانبعاثات الضارة الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة الكهربائية.
فالمنتجون له والمستهلكون يعيشون على الكوكب نفسه ولا يراودني الشك أبدا أن مستقبل الأجيال محل اهتمامهم!
السبب الثاني هو حقيقة نضوب الوقود الأحفوري بغض النظر عن كون هذا النضوب جيولوجيا أو اقتصاديا. قد يخفى على البعض أن الوقود الأحفوري يشكل حاليا 87 في المائة من مصادر الطاقة في العالم موزعة بين النفط الخام والفحم الحجري والغاز الطبيعي على الترتيب. الطاقة الشمسية وطاقة الرياح مجتمعتان لا يشكلان إلا 4 في المائة من مصادر الطاقة كأعلى تقدير. ومن المتوقع أن تصل إلى 7 في المائة تقريبا بحلول عام 2040 فلم يحاول الإعلام بقصد أو بغير قصد تصويرهما على أنهما منافستان للوقود الأحفوري؟ بينما الحقيقة التي تدعمها الأرقام أنهما ليس إلا شريحة للطاقة وليسا منافسين.
أعتقد جازما أن موضوع أمن الطاقة العالمي أهم بكثير من المصالح الشخصية وهم يوقنون بذلك ويؤمنون به. فعدم تلبية الطلب على الطاقة في المستقبل البعيد كارثة ستشل التنمية وتحجم التطور الصناعي والخدمي على حد سواء. أضف إلى ذلك أن إطالة عمر الوقود الأحفوري هدف للجميع وإدارة هذا المورد الناضب بكفاءة مطلب رئيس، فالوقود الأحفوري لا يستفاد منه في توليد الطاقة الكهربائية وحسب، بل له استخدامات كثيرة لا تكفي عشرات المقالات لسردها.
سيكون جوهر هذه السلسلة من المقالات وجل تركيزها عن طاقة الرياح. سأبدأها بتعريف طاقة الرياح ولمحة تاريخية عن استخداماتها في العصور القديمة. بعد ذلك سأوضح مكونات توربين الرياح وأنواعها وتصاميمها المختلفة. سأستعرض بعدها بعض الأرقام المتعلقة بكمية الطاقة الكهربائية الناتجة عن توربينات الرياح مقارنة بالطاقة الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري لتتضح الصورة للقارئ الكريم. أختم هذه السلسلة بالعقبات الهندسية والطبيعية التي تواجه هذه الصناعة، وهل تعتبر استثمارا مجديا اقتصاديا مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى سواء كانت مصادر متجددة أم ناضبة؟