الوطنية والحزبية والطائفية
أشعلت الحزبية والطائفية المقيتة التي تسيدت العالم العربي، نيران الحقد والكراهية في مختلف البلدان. عاش العرب آفة الحزبية الطائفية، واكتوو بجمرتها، منذ أن أطلت برأسها بنهاية سبعينيات القرن الماضي. إثر سقوط نظام شاه إيران. اكتمل الخطر بين طائفية محتقنة وحزبية إخوانية حادة.
في تلك الحقبة على سبيل المثال تزاوجت الطائفية والشعوبية الفارسية، لتفرز خطابين: الأول خطاب يدغدغ المشاعر الإسلامية، وهذا الذي احتفى به الطيفين الشيعي والإخواني السني. والخطاب الثاني يخاطب الحس الطائفي لدى العرب، ومع الأسف تواكب ذلك مع إضعاف المرجعيات العربية.
كانت مجلة المجتمع الكويتية والإصلاح الإماراتية والدعوة المصرية مع بدايات الثورة الإيرانية تضع صور الخميني على أغلفتها، وكان عدة كتاب مثل فهمي هويدي المتعاطف مع الإخوان يعتبر الثورة الإيرانية نموذجا.
حملت الحرب العراقية الإيرانية أولى إرهاصات المد الطائفي وخطاب الكراهية الذي تجدد من خلاله حقن النفوس وإشاعة الكراهية. عكفت إيران على هذا بمنهجية واضحة. وإذا كانت القاعدة وداعش قد سعتا لتفجير علاقات المسلمين مع الأوربيين والأمريكان، ونشر الكراهية للأقليات هناك. فإن إيران عملت بدأب على تفجير العلاقات بين السنة والشيعة العرب، من أجل تحقيق مصالحها الشعوبية. في مطلع التسعينيات، وإثر اجتياح صدام حسين للكويت، استثمرت إيران الانقسام الذي ساد العالم، واستقطبت طلابا للدراسة في قم. كانت المنح الدراسية البوابة التي تم من خلالها تغيير التركيبة الطائفية في لبنان واليمن وسواهما. تأذت اليمن من الحوثيين الذين تشربوا المنهج الإيراني الإرهابي، وارتهنوا بالعمالة لإيران. حدث ذلك مع عرب آخرين. نسي الشيعة والمتأخونين العرب أن الوطن فوق الطائفية والحزبية. عاشت بعض البلدان العربية أزمات كبيرة بسبب الجرثومة التي سعت بدأب لإلغاء الدولة الوطنية. كانت قطر وقنواتها وسياساتها أيضا أحد أدوات هذا العبث.