رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


نهاية النظرية .. الأزمات المالية وفشل علم الاقتصاد «4»

في الجزء الثالث طرح الكتاب تفكيك النظرية الكلاسيكية الجديدة السائدة اليوم في الفكر والممارسة، ومن ثم بدأ بتقديم ما يرى أنه آفاق نموذج بديل. النموذج المقدم يركز على تتبع تصرف الوحدات في ظل بيئة لها خصائص معينة ويحكمها نظام ديناميكي في سياق معين. قبول طبيعة البشر الانعكاسية كما يقدمها "سورس" يجعل رصد الحراك الاقتصادي كأنه قصة تعيد نفسها في بيئة تتغير دائما، ولذلك لا يمكن أن تعاد التجربة تطابقيا. ينتقل الكتاب في الجزء الرابع من النقد إلى شرح البديل القائم على حراك الوحدات والديناميكية فيما بينها من ناحية وبين البيئة والسياق الذي يحتوي الجميع. قدرات الوحدات المختلفة تحدد الأداء من خلال معرفة البيئة وتصرف الوحدات الأخرى وقراءة السياق العام، بينما يقوم الاقتصاد التقليدي على نظرة عامة تماثله في طلاق عن الواقع الذي تمارسه الوحدات. (يشرح انخفاض السوق الأمريكية في 1987 و2000 وأزمة 2007/8 من منظار النموذج البديل).
يقوم النظام المالي على ثلاثة تدفقات في ثلاث طبقات. الطبقة العليا فيها الأصول على اختلاف أنواعها مثل صناديق الاستثمار والتقاعد والتحوط والسيادية وشركات التأمين، بينما الطبقة الوسطى فيها المصارف وشركات الوساطة، أما الطبقة السفلى ففيها الرهونات ودورها كباب خلفي للتقييم وإكمال الدورة مع الأصول، للرهونات دور مؤثر أثناء الأزمات في إعادة تسعير الأصول وقياس السيولة. الترابط والتداخل مثل نظام السباكة قد لا نرى أغلبه ولكن لا يمكن تجاهله ـــــ له دور محوري في العلاقة بين الوحدات. هناك ترابط وتفاعل بين هذه الطبقات أفقيا ورأسيا في علاقة ديناميكية تحكمها الأنظمة والتنافس والسياسات العامة. حسابات الربح والخسارة والمخاطر مختلفة لكل وحدة. لحسابات المخاطر والسيولة أبعاد تشكل فضاء الربح والخسارة والإعاقات الانعكاسية بين الوحدات والبيئة.
السيولة أحد الأبعاد المشكلة للبيئة خاصة أثناء الأزمات. فهي ميدان أرباح المتاجرة في سوق الأوراق المالية خاصة في الأوقات الصعبة، طلب السيولة يرفع الأسعار وفقدان السيولة يقود للسقوط. للسيولة ديناميكية خاصة بها، فهناك طلب على السيولة وهناك عرض وهناك صناع ولكنها من أصعب العناصر للقياس والتقدير؛ فكلما فكرت الوحدات فيها تغير مستواها وقياسها وسعرها. يصور انخفاض سوق الأسهم في أمريكا في 1987 بأنه بسبب فقدان السيولة في عقود تأمين المحافظ حين وصل الحجم إلى مستوى معين انعكاسيا. فبيع العقود المستقبلية انتهى ببيع الأسهم. (بلغت الخسارة في يوم واحد نحو 500 مليار دولار).
تصور الوحدات المالية في منظومة الطبقات الثلاث بدا واضحا أثناء أزمة 2008/7 إذا تتبعنا أدوار شركات التمويل العقاري ودور "جولدمان ساكس" و"إي جي" كأكبر شركة تأمين و"بيرستيرنز" كملاك لصناديق عقارية مسمومة ماليا. لا نريد إعادة وصف لأسباب وحيثيات الأزمة المالية العالمية، ولكن فقط تسليط الضوء على النموذج حين تشبعت البيئة بأصول مسمومة وحانت اللحظة لتفاعل انعكاسي أوقع خسائر على قدر حجم التسمم والطمع والغباء وضياع بسبب حجم النظام المعقد ومحدودية قدرات السلطات التنظيمية على المتابعة. لعل الجديد هو مدى حجم تعقيد المنظومة عالميا بسبب التواصل وتنامي دور المؤسسات المالية. في الجزء الخامس والأخير يناقش الكتاب الخلاصة وسأستعرض رأيا شخصيا حول الكتاب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي