التضييق غير المبرر على المعلمين
لا أعلم ما المبرر المقنع الذي يدفع وزارة التعليم إلى إجبار المعلمين والمعلمات على الدوام قبل وبعد العام الدراسي وألا يتمتعوا بكامل الإجازة التي تمنح للطلاب، فالمعلم مرتبط ارتباطا وثيقا بالطلاب وفي حال عدم وجودهم - أي تمتعهم بالإجازة - فلا ضرورة من وجوده في المدرسة، وإجباره على الدوام في تلك الحالة ولا أرى ذلك إلا “تضييقا” لا أكثر.
لا أعتقد أن التجهيزات للموسم الدراسي الجديد دافع مقنع لبدء دوام المعلمين قبل الطلاب بأسبوع، فالتجهيزات في الغالب لا يقوم بها المعلم بل الموظفون الآخرون من مستخدمين وإداريين. المعلم، كما أسلفت، مرتبط بالمنهج الدراسي وتدريسه للطلاب، ولا أعتقد أيضا أن حديث البعض في مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض وسائل الإعلام بخصوص طول إجازة المعلمين ذريعة لتقليصها، وفرض دوام بعد وقبل الإجازة لا فائدة منه، فمن يتحدث عن طول الإجازة يجهل المتاعب والجهد الذي يبذله المعلم وهو أمر أكثر من يدركه هم المسؤولون عن قطاع التعليم، ومن يجب عليهم نصرة المعلم لا التضييق عليه ودفعه إلى الدوام والمدارس خالية، خاصة أن كثيرا من المعلمين والمعلمات يعملون في مناطق نائية تبعد عن مقار سكنهم بمئات الكيلومترات في بعض الأحيان.
المعلم يستحق أن يتمتع بالإجازة كاملة، فهو يعمل طوال العام الدراسي، ويبذل جهدا يستنزفه بدنيا وذهنيا، ويتعامل مع صغار في السن بمستويات تفكير مختلفة وشقاوة متعبة تتطلب منه الصبر وضبط النفس، ناهيك عن المناوبات اليومية، والأنشطة الطلابية، والبرامج الإثرائية، التي تطلب منه على مدار العام، وأي شخص يزور المدارس يمكن أن يدرك الجهد والإرهاق الذي يواجه المعلمين والمعلمات في تعاملهم اليومي مع الطلاب، ويجب أيضا ألا نغفل عن أمر مهم ألا وهو أن المعلم ربما يعد الموظف الوحيد على مستوى العالم الذي يعمل خارج الدوام الرسمي، وفي منزله منشغل عن أطفاله وأسرته عبر تصحيح الواجبات والإعداد للاختبارات ووضع الأسئلة والتحضير اليومي.
لا نطالب بإجازات أطول للمعلمين، ولكن يجب ألا نضيق عليهم ونجبرهم على الدوام قبل وبعد الإجازة المدرسية، بل يجب أن نمنحهم الإجازة ذاتها التي تمنح للطلاب، خاصة أن الأعمال التي يقومون بها لا يمكن أن تتم إلا في وجود التلاميذ، ولا يوجد أي معنى ولا مبرر لوجودهم في مدارس خالية من الطلاب.