«الجغرافيا» حيث لا أحد

على صغر حجم كوكبنا بالنسبة لمجرتنا وللكون ككل إلا أنه مملوء بالأسرار والغرائب التي تثير فينا الدهشة إلى حد عدم التصديق أن ما يوجد على ظاهره حقيقة، كثرة الأسفار والترحال ولكننا نزور الأماكن نفسها ونركز على أماكن الأكل والتسوق ونغفل رحلات التفكر والتعلم إلا القليل منا. لنفتح صندوق الأسرار ونبحر في بحر عجائب الجغرافيا!
هل تصدق أن هناك جزيرتين لا يفصل بينهما سوى مسافة أقل من أربعة كيلومترات ومع ذلك يبلغ فارق التوقيت بينهما 21 ساعة!
إنهما جزيرتا "دايوميد" حيث سميت إحداهما "جزيرة الغد" وتمتلكها روسيا، والأخرى "جزيرة الأمس" وتمتلكها أمريكا. ويعود السبب في ذلك إلى مرور خط الزمن العالمي بينهما!
وروسيا نفسها فارق التوقيت بين شرقها وغربها 12 ساعة فبينما تشرق الشمس في شرقها تكون قد غربت في المناطق الغربية فهي تحتل مساحة نحو 17 مليون كيلومتر مربع تشمل 11 منطقة زمنية لذا تعتبر أكبر بلدان العالم.
وتغطي الكتل الجليدية نحو 15 مليون كيلومتر مربع، تمثل 10 في المائة من منطقة البر على كوكبنا، وتحتوي على 75 في المائة من المياه العذبة الموجودة على سطح الأرض! ولكم أن تتخيلوا لو ذابت كل تلك الكتل الجليدية ماذا سيحدث في العالم؟!
يقدر العلماء عند ذوبانها ارتفاع مستوى البحر إلى 70 مترا، أي جبل من المياه وطوفان هادر.
أما أبعد نقطة عن اليابسة فتقع جنوب المحيط الهادي وتعرف بـ"نقطة نيمو" والمستوحى منها اسم البطل "نيمو" في رواية "عشرين فرسخا تحت البحر" للكاتب جولز فيرن، حيث تبلغ المسافة بينها وبين أقرب يابسة منها نحو 2688 كيلومترا، و"نيمو" تعني باللغة اللاتينية "لا أحد" وفعلا هناك لا أحد ويتعذر الوصول إليها لذا يتم استخدامها للتخلص من الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية ومحطات الفضاء العاطلة عن العمل لذا استحقت لقب "مقبرة المركبات الفضائية" بجدارة.
وهل تتخيل أن يعيش أكثر من نصف سكان العالم ضمن دائرة تغطي قسما صغيرا من العالم، متضمنة الصين والهند وجنوب شرق آسيا على الرغم من أن أغلبها مياه، ومن العجيب أن هذه الدائرة الكثيفة السكان تحتوي على البلد الأقل سكانا في العالم وهو "منغوليا"!
أما المفارقة الأغرب أن أكبر صحراء في العالم هي القارة القطبية الجنوبية "أنتاركتيكا" حيث يقل منسوب الأمطار السنوي عن 51 مليمترا، وتجتاحها العواصف الرملية بسرعة 350 كيلومترا في الساعة فهي صحاري بالمعنى الجغرافي وليس حسب ما يعتقده البشر. واعتبرت منطقة محايدة ليست ملكا لأحد. ولا ندري ماذا سيحدث مستقبلا فتغير المناخ كشف عن مخزون بترولي عال.