الرجل العنكبوت يعود إلى الوطن بشخصية كوميدية
بفارغ الصبر انتظر محبو أفلام مارفل السينمائية الجزء الجديد من «الرجل العنكبوت العودة إلى الوطن»، متوقعين دغدغة مشاعرهم السينمائية بمشاهد الآكشن التي ترفع الأدرينالين، إلا أن صدور الفيلم شكّل صدمة بعدما سيطر عليه الحس الكوميدي.
ويعتبر هذا أول فيلم قائم بذاته لشخصية الرجل العنكبوت من إنتاج أستوديوهات «مارفل» السينمائية، بعد فك احتكار شركة سوني للشخصية، لذلك جاء مغايرا في كل تفاصيل أحداثه وحبكته ومضمونه، حيث إن الفيلم ليس لتمجيد وتعظيم شخصية الرجل العنكبوت كما حدث في الإصدارين الماضيين بل أظهر الجوانب الإنسانية والنفسية لشخصية الرجل العنكبوت، وإظهار أنه في الأساس فتى مراهق يريد أن يحظى بوقت ماتع ويلهو قليلا.
العودة للوطن بعد "كابتن أميركا"
تدور أحداث الفيلم حول صبي يدعى بيتر باركر، يؤدي دوره الممثل توم هولاند، عاد للوطن بعد انتهاء أحداث فيلم "كابتن أميركا" الحرب الأهلية، حيث إنه أصبح البطل الخارق المعروف لدى كثيرين، ويقطن في منزل برفقة عمته ماي، تلعب دورها ماريسا تومي، ويحاول كعادته أن يتحمل مسؤوليات جمة تختص بقتال الشر والحفاظ على الخير، ولطالما كانت هذه الحبكة هي السائدة على الأجزاء السابقة من فيلم الرجل العنكبوت، إلا أن هذا الجزء جاء مختلفا مع بعض التعديلات حيث تقع على عاتق بيتر مسؤولية أن يكون طالبا جيدا، وأن يتواصل مع عمته باستمرار ويخبرها إن كان بخير، وبالتالي التوازن بين حياته الشخصية وحياته كبطل خارق.
يعود بيتر إلى روتينه اليومي الطبيعي بعد أن انتهى من مساندة توني ستارك، الرجل الحديدي وفريقه في مواجهة ستيف رودجرز، وهو "كابتن أميركا" وفريقه، حيث يعود إلى دراسته في مدرسته الثانوية، منصرفا بالأفكار التي تثبت لنفسه أنه أكثر من مجرد الرجل العنكبوت، ولكن عندما يظهر الخطر الرئيس المتمثل في الرجل النسر، ويدعى فولتشير، سيصبح كل شيء مهما لدى بيتر عرضة للتهديد الخطر، ويقوم بدور الشخصية الشريرة هنا الممثل مايكل كايتون، إلا أن شره لم يكن مبررا بالشكل الكافي وأيضا لم يكن على القدر الكافي من القوة، وهُزم بسهولة.
مهمة خطرة
بعد ذلك تبدأ مهمة بيتر الخطرة لإثبات نفسه، على الرغم من تحذيرات معلمه توني ستارك الكثيرة للتوقف عن التدخل في هذا الأمر، نظرا للمصاعب التي سيواجهها التي من الممكن أن تؤدي إلى موته.
ولقد حاول المخرج جون واتس أن يظهر توني ستارك على أنه ليس مجرد ملياردير، بل إنه شخص ذكي ومسؤول، حيث إنه في أكثر من موقف في الفيلم كان له تأثير كبير في سير الأحداث وإنقاذ البطل، فكان يراقب أفعال الفتى في أغلب الأوقات لحمايته، ولكي يرى ما إذا كان يستحق أن يكون بطلا أم أنه مجرد مراهق مستهتر يريد أن يحظى بالشهرة.
أما اختيار توم هولاند لأداء شخصية الرجل العنكبوت، فكان ممتازا، حيث قام بالمطلوب منه على أكمل وجه، مقارنة بكل من توبي ماجوير وأندرو جارفيلد اللذين أديا دور الرجل العنكبوت في الأجزاء السابقة، حيث سنجد أنه الأقرب عمريا من الشخصية، وسنجد أيضا أنه الأفضل من حيث إظهار التوازن بين شخصية الفتى المراهق والمشاكل التي يعانيها الشباب في هذه المرحلة العمرية، مثل الاهتمام بالمظهر الخارجي والعلاقات مع الجنس الآخر وبين شخصية البطل المسؤول عن محاربة الجريمة وحماية الأبرياء.
ولم يحاول مخرج الفيلم أن يخلق بداية مغايرة للأجزاء التي عهدناها في الأجزاء الماضية، بل جاءت كسابقاتها حث تعرض بيتر للعض من قبل العنكبوت، وتجاهل الأمر إلى أن أصبح البطل الخارق، الذي يتميز بمواصفات طفولية نظرا لعمره الصغير، ولقد كان من الممكن أن يستمر توبي في تمثيل الشخصية، أو أن يتم تجسيدها بمرحلة عمرية جديدة تماما، إلا أن المخرج اختار ممثلا آخر اعتقادا منه أن شخصية الرجل العنكبوت لا يمكن أن تقدم إلا بوجه شاب وذي ملامح شبابية.
الفكاهة
ولم تنحصر حداثة الحبكة في الوجه الطفولي بل تعدته إلى كمية المرح التي يوفرها الفيلم الذي يقدم «سبايدر مان» كرجل يافع ومبتدئ ما زال عليه أن يتقن استخدام قواه ويشعر بالرهبة من كل الخدع التي يمكن لبذلته التي أعطاه إياها معلمه ستارك فعلها. كما أن هناك كثيرا من الفكاهة الناتجة عن كون أحداث الفيلم محدودة بمنطقة ألكوينز حيث لا يوجد كثير من الأبنية شاهقة الارتفاع لكي يتمكن الرجل العنكبوت من الانزلاق بينها عبر إطلاق الشباك وبالتالي عليه أن يستغل ما يتوافر لديه بالفعل ليتنقل في المدينة. وكانت هذه طريقة ذكية لخلق عقبات أمام الرجل العنكبوت عليه التعامل معها وفي الوقت نفسه إظهار خلفية مختلفة عن تأرجحه عبر ناطحات السحاب في مانهاتان التي رأيناها في كثير من الأفلام الماضية. ولقد بدا واضحا في تصوير الفيلم استخدام المخرج للقطات الرقمية للرجل العنكبوت في معظم مشاهد الآكشن بشكل شبيه لفيلم civil war، بخلاف تلك الموجودة في أفلامAmazing Spider-Man التي اختارت نهجا ملموسا بشكل أكبر.
لذلك جاء الفيلم مخيبا لآمال محبي الأكشن الذين اعتادوا البطل الخارق في مشاهد تجمع بين الآكشن والخيال العلمي، لكن الكم الكوميدي الذي طغى عليه جعل منه فيلما خفيفا ومسليا، ورغم مرور بعض مشاهد القتال في اللحظات الأخيرة من الفيلم إلا أنها أظهرت الرجل العنكبوت في موقف ضعيف غير قادر على استخدام تقنيات بذلته بالشكل السليم.
أما الموسيقى التي تتميز بها جميع أفلام مارفل فكان لها دور كبير وأساس في تدعيم الصراع بين البطل والشرير، وتضيف لشخصية الرجل العنكبوت رونقا وجاذبية خاصة. ولقد جاءت من تأليف الملحن الأمريكي مايكل جياكينو الفائز بجائزة الأوسكار لأفضل موسيقى تصويرية عام 2010 عن فيلم Up.
في النهاية عاد الرجل العنكبوت إلى الوطن وبعودته عادت الشخصية إلى عالمها الطبيعي بعد إتفاق «ديزني» و«سوني بكتشرز» على تقاسم الشخصيات، خصوصا أن حقوق الشخصية اشترتها «سوني» قبل إطلاق عالم مارفل، مع الإشارة إلى أن الفيلم استطاع خلال أسبوع واحد أن يتخطى كل التوقعات فيما يتعلق بالإيرادات التي بلغت 283 مليون دولار.