دوحة التذاكي المستأجَر .. يد تتعهد وأخرى تنكث
بخط اليد ذاتها التي وقعت اتفاقية الرياض 2013 وآلية تنفيذها 2014 تنكث قطر عهودها. ثقة منها على ما يبدو بتذاكٍ مستأجَر يدير سياساتها ومواثيقها مع الآخرين. على يد زمرة من السياسيين والإعلاميين المنبوذين من أوطانهم. ليستمرئ "نظام الحمدين" (بن خليفة وبن جاسم) منذ عقدين اختبار حلم الأشقاء وصبرهم المستمر على النكوث المتواصلة.
ولكن ما غاب عن "الحمدين" وأتباعهم المأجورين. أن لصبر الحليم حدودا. وأن إطالة أمد التفاهم قدر المستطاع ليس نجاحا لسياسات مستشاريهم وخوفا من أذرعهم الإعلامية. بل نخوة وإكراما لشعب شقيق أوقعه حظه السياسي السيئ بين مطرقة حكومة غير راشدة، وسندان طامعين أيديولوجيا وماليا من عرب وغيرهم. الذين ما زالوا لهذه اللحظة يزينون لحكومة قطر سوء أعمالها مع أشقائها.
لتظهر قبل يومين للعلن اتفاقية الرياض 2013 وآليتها التنفيدية 2014 مكتوبة بخط اليد وموقعة من جميع الأطراف المشاركة آنذاك. وفيها من التعهدات والالتزامات الموقعة من الدوحة ما لا يختلف كثيرا عن المطالبات الـ13 الأخيرة التي تعمدت الدوحة تسريبها حتى قبل التفاوض بشأنها. في تذاكٍ صبياني غير دبلوماسي لا يحترم دولة الكويت كوسيط معتمد، ولا باقي الدول المتضررة من تصرفات الدوحة، والطامحة لإنهاء الأزمة في الوقت ذاته، بأقل الخسائر الممكنة على شعب قطر.
لا شك أن التذاكي وغياب الوضوح والمصداقية في العلاقات السياسية على وجه الخصوص مشكلة تعود على الشعوب قبل الحكومات ببالغ الأثر. فكيف هو الحال إذا كان هذا التذاكي مستأجَرا بالمعنى الحرفي وبالبعد الوطني للكلمة. وبالتالي فهو يقدم لحظة هروبه ومصالحه الشخصية على مصلحة البلاد. على طريقة مذيع الجزيرة المعاكس، مثير الفتن ومشعل الصراعات، فيصل القاسم، الذي لم يخف في لقاء تلفزيوني سابق استقواءه بالجواز البريطاني الذي يحمله. إذا ما كان هناك أدنى احتمال صراع في المنطقة أو تضرر قد يطول شخصه.
وعلى المنوال ذاته تسير جوقة من المنتفعين الوصوليين بقيادة الحمدين وانزواء وتراخي تميم الذي وقع على اتفاقية الرياض وما يزال يوقع على كثير من المعاهدات، دون التزام سياسي واضح بما تمثله هذه الاتفاقيات، وبلا خوف من تبعات انتهاك هذه الاتفاقيات الملزمة قانونيا ودوليا. وكأن الدوحة بسياساتها المزدوجة تعيش في عالمين مختلفين؛ الأول حقيقي لا تدرك متطلباته ومسؤولياته، والآخر متوهم صنيعة أوهام الدور الذي رسمته لنفسها.
بينما بحسابات الحقيقة الأخوية والخليجية قطر ينتظرها دور أكبر سياسيا واقتصاديا من هذا الدور المصطنع. ولكن بمباركة أشقائها في الخليج والعالم العربي. وليس بمباركة حلفاء الأطماع الخارجية كإيران وتركيا. أو مستشارين أممين يغررون بخياراتها، عروبيين كانوا أم إسلامويين.
ليبقى خيار الدوحة الوحيد العودة لحضنها الجغرافي المستقر خليجيا، ولسربها المنسجم عربيا. بعيدا عن أطماع الإرهاب ودموية قادته ومنظريه. لتعاود التحليق في فضاءات التنمية المستدامة وإنجازاتها بثبات يعود على شعبها الشقيق بالخير والنماء.