رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا

كلما زادت الفرقة بين الدول الإسلامية، ضعفت هذه الدول أمام الطامعين، وكلما زادت الخلافات بين الدول العربية، أصبحت لقمة سائغة لمن يسيل لعابه لاستنزاف مواردها وخيراتها، وعندما تضعف روابط القربى بين أبناء الأسرة الخليجية، يتأثر صمودها أمام التحديات الإقليمية خاصة مع إيران وكذلك تجاه الحروب الدائرة في الشام واليمن، هذه حقائق لا يختلف عليها اثنان، لذلك فإن تعزيز التقارب يتيح الفرصة لترشيد الإنفاق والتركيز على النهوض بمجتمعات هذه الدول وبناء مواطنيها وزيادة تنافسية اقتصاداتها، بدلا من الدخول في توجهات سياسية غير ضرورية مثل التدخل في ليبيا البعيدة عن حدودها. وينبغي أن نتذكر جيدا أن الدول الكبرى تقتنص الفرص السانحة لتحقيق مصالحها، وفقا للمقولة "لا تحالفات دائمة ولا صداقات دائمة، دون مصالح دائمة".
لا ينبغي أن تحتضن أي من دول الخليج العربية قيادات من أحزاب سياسية أو طوائف دينية، إلا لمبررات إنسانية يمنع معها اللاجئ السياسي أو عالم الدين "المُستضاف" من ممارسة أي أنشطة سواء أكانت سياسية أو دينية أو اجتماعية أو حتى خيرية. فاللجوء السياسي من أجل تأمين الحياة الكريمة والحفاظ على النفس، وليس لفتح قنوات جديدة لممارسة أنشطة سياسية أو دينية جديدة، إن لم تضر بالدولة المستضيفة، فإنها حتما ستسهم في توتر علاقاتها مع دول أخرى. وهذا مع الأسف ما يجري في كثير من الدول العربية، خاصة مع غياب رؤية بعيدة المدى.
ينبغي أن تدرك الدول الصغيرة موقعها على الخريطة السياسية الدولية، وتركز على التنمية والتقدم العلمي لمواطنيها، وتعمل على تحسين علاقاتها مع دول الجوار، ورفع مستوى التنافسية لاقتصاداتها دون المشاركة في حروب بعيدة عن حدودها، لأن الانغماس في مشكلات الآخرين يستنزف الجهود ويبدد الثروات الوطنية.
ومن المؤسف جدا أن تحتضن دولة قطر قيادات لا تضيف لها أو المنطقة العربية إلا المشاكل من مثل عزمي بشارة أو عزام التميمي أو قيادات بعض الأحزاب الدينية، فالمنطقة العربية عموما والساحة الخليجية خصوصا لا تحتمل مزيدا من التوتر الطائفي الذي يمزق المنطقة العربية ويهدر الدماء دون وجه حق، لذلك ينبغي أن تلتزم قطر بالقرارات الجماعية لدول المجلس الخليجي لكي تبقى دول الخليج العربية بعيدة عن المشكلات التي قد تزعزع استقرارها أو تبتزها وتمتص ثرواتها.
أليس من الضروري أن تلتف دول الخليج العربية على بعضها لحماية نفسها من طوفان الإرهاب والفوضى الذي يعصف بالمنطقة ويكتوي بناره جميع الدول؟ فليس في صالح هذه الدول على المدى القريب أو البعيد أن تسمح لأي دولة أجنبية بالتدخل في الأزمة الحالية، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وإيران، فتدخل هذه الدول سيكشف الأوراق الخليجية، ويزيد من تعقيد الأزمة، ومن ثم يضعف مجلس التعاون أو يقضي عليه. إن من الحكمة أن يعقد مؤتمر قمة خليجي لمدة ثلاثة أيام بتنسيق كويتي، تطرح فيه جميع الأوراق، وتستعرض الهموم، وتكشف الوثائق، للوصول إلى توافق يجمع ولا يفرق، فلا مبرر -مطلقا- للاختلاف في شؤون السياسة الخارجية، كون هذه الدول تتشابه في أنظمتها السياسية، ومواردها الاقتصادية، وبيئاتها الطبيعية، وأصول سكانها، ومستوياتها التنموية.
وأخيرا فالأمل كبير في أن تبتعد معالجة الأزمة الخليجية عن العاطفة وتعميق الخلافات إلى النظر بحكمة إلى مستقبل المنطقة وتقييم التداعيات التي يمكن أن تتمخض عن هذه الأزمة وتزيد الأمور تعقيدا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي