رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


محاولات قطر إخفاء تكاليف المقاطعة

إشكالية قطر مع جيرانها ستبقى غامضة بدرجة غموض تصرف حكام قطر وتبقى في دائرة الخلاف السياسي والأمني لكنها ليست اقتصادية في الجوهر ولها نتائج اقتصادية خاصة على قطر. وسوف أتحدث عن اقتصاد قطر وليس الأبعاد السياسية رغم دور غنى قطر الذي لا بد أن يكون أحد مصادر تصرفاتها، لعل أكبر مثال على ذلك دفع قطر نحو مليار دولار للجماعات الإرهابية المسيرة من إيران “وداعش” كثمن لإطلاق سراح أعضاء من العائلة الحاكمة ذهبوا في رحلة مريبة للصيد في العراق رغم ظروف العراق المعروفة. لعل قطر مع عدد قليل من الدول تحظى بحالة استثنائية من حيث حجم الدخل قياسا على عدد السكان. قطر ليست في حصار اقتصادي ولكنها في حالة حظر أو تعليق تعامل مع جيرانها ومصر في فرق كبير عما يذكره الإعلام الأجنبي أنه حصار، فكما ذكر وزير الخارجية عادل الجبير أن موانئ قطر ومطارها مفتوحة. ولا يمكن فصل حالة قطر عن الاقتصاد الهيدروكربوني وعدد السكان القليل والاعتماد على الوافدين والرغبة في المباهاة.
يبلغ سكان قطر نحو 2.5 مليون بينما عدد المواطنين منهم يبلغ نحو 300 ألف. وهذه التركيبة السكانية / الاقتصادية لها استحقاقات سياسية، حيث إن قطر تتحمل “رجم” الآخرين إعلاميا دون تداعيات تذكر على العدد المرفه الصغير. من هؤلاء نحو مليون ونصف المليون عامل في معسكرات عمال لخدمة قطاع المقاولات خاصة مشاريع كأس العالم، حيث بعثت منظمة العمل الدولية تحذيرا لقطر حول معاملتهم في آذار (مارس) 2017. في نهاية 2015 بلغ الدخل القومي الإجمالي لقطر 165 مليار دولار “نحو 471 ألفا لكل مواطن” و63 ألف دولار لكل ساكن. هذا الدخل العالي مكن قطر من مد طموحها على الرغم من القدرات المتواضعة علميا وفنيا وإداريا، تقدر تكاليف الاستعداد لكأس العالم بنحو 200 مليار دولار وهناك استثمارات دولية من خلال صندوق قطر السيادي الذي يبلغ حجمه نحو 330 مليار دولار، ولكن قطر لم تقتص من الصندوق السيادي رغم تنامي العجز في الميزانية إثر الانخفاض في أسعار النفط. اختارت أن تقترض لتمويل العجز، فمثلا أصدرت سندات بمبلغ 16 مليار دولار لعام 2016 إلى أن وصل إجمالي الدين العام 48 في المائة من الدخل القومي الإجمالي وهذا لا شك ارتفع بسرعة ولكنه ما زال مسيطرا عليه قياسا بحجم الصندوق السيادي، لعل الجديد أن تكلفة تأمين القروض وإمكانية الاقتراض سوف ترتفعان بسبب علاقة قطر مع جيرانها وحجم الديون. كما أن ميزان المدفوعات انخفض بحدة من فائض بنسبة 8.4 في المائة من الدخل في 2014 إلى عجز بنسبة 2.2 في المائة في 2016 مما قلص نمو الصندوق السيادي.. دخل قطر الأساس هو تصدير الغاز المسال والنفط.
تنتج قطر نحو 900 ألف برميل نفط ولكنها من أكبر مصدري الغاز المسال في العالم حيث بلغت صادرات قطر 77.5 مليار دولار منها نحو 40.3 من الغاز المسال لعام 2015. بينما بلغت الصادرات 24 مليارا في 2016. نظرا لقلة هامش الربح وارتفاع تكلفة الاستثمار في الغاز فإنه يتطلب عقودا طويلة الأجل بما تتضمن من مخاطر وثبات في المبيعات. لعله من المناسب الإشارة إلى أن سوق الغاز المسال تتجه إلى “التدويل” بمعنى أن الأسعار سوف تتماثل عالميا، “لا تزال أسعار الغاز تختلف بين آسيا وأوروبا وأمريكا” كما حدث لسوق النفط منذ عدة عقود بعد أن تكاثر المصدرون خاصة في أستراليا وروسيا وأمريكا واستكشافات أخرى في المتوسط وإفريقيا مما قد يؤثر سلبا في دخل قطر مستقبلا. طبقا لإحصائيات “برتش بتروليم” لدى قطر 03. في المائة من احتياطات النفط في العالم و13 في المائة من احتياطات العالم من الغاز مع نهاية 2016.
الجدير بالذكر أن إيران وقعت عقدا مع “توتال” الفرنسية الأسبوع الماضي لمزيد من استغلال حقل بارس العملاق الذي تشترك مع قطر فيه “حقل الشمال” ولذلك هناك درجة من التنافس المغمور.
الحالتان المالية والسكانية لا تزالان مريحتين إجمالا ولكن قطر تحاول إخفاء التكاليف الاقتصادية غير المعلنة مثل ارتفاع تكلفة استيراد الغذاء وتفاقم خسائر الخطوط والسياحة التي استثمرت قطر فيها كثيرا وارتفاع تكاليف التأمين وأسعار الفائدة. هذه التكاليف يصعب تقديرها ولكنها معتبرة خاصة في ظل ارتفاع الدين العام وقد تصل إلى إرغام قطر على تغيير تصرفاتها، لعل أحد الخيارات المستقبلية تقليل الاقتراض والسحب من الرصيد خاصة إذا استمر الحظر. ولعل أكثر ما يزعج قطر إمكانية إفلاس خطوطها الجوية، نظرا لحساسية التكلفة الثابتة في ظل اعتمادها على القروض وتقلص أعمالها، مصدر إزعاج آخر احتمال تغيير مكان كأس العالم الذي بدأ بسمعة أقل من المقبول وتكلفة باهظة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي