من يملك قرار الدوحة ؟
الأمر الطبيعي أن تلجأ قطر إلى محيطها الخليجي والعربي وأن تحافظ عليه وتتمسك به وتلوذ به في كل أمر ومأزق تتعرض له، فهو عمقها الاستراتيجي ودرعها من كل المخاطر التي قد تحيط بها، ولكن ما يحدث من نظام قطر عكس ذلك، فهي تبحث عن تعميق علاقاتها مع دول وأحزاب منبوذة من هذا المحيط ليأتي السؤال المهم، هل قطر مسلوبة الإرادة؟ وهل هي دولة مسلوبة السيادة ويتحكم بقرارها دول كإيران وتركيا أو أحزاب كالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين؟ الواقع يقول ذلك، فلو نظرنا إلى المشهد بحياد لوجدنا أذرعها الإعلامية تحت سلطة تنظيم الإخوان، ولوجدنا قرارها السياسي يعقب قرارات الدول التي تهرول إليها، وتعليقاتها تظهر بعد تعليقات تلك الدول لتتماشى معها.
قطر تهرول في كل اتجاه بحثا عن حل للأزمة التي وضعتها فيها التنظيمات الإرهابية والمحظورة التي تأويها، ولا مجيب من دول العالم، فأمريكا تقول "الحل داخل الأسرة الخليجية"، والدول الأوروبية تلمح في الاتجاه نفسه، والمنطق أيضا يقول إن الحل متى ما رغبت فيه الدوحة لا يمكن أن يخرج إلا من عاصمة القرار العربي والإسلامي الرياض، ولكن ما الذي يدفع قطر للبحث عن مخرج بعيد عن عمقها الخليجي والعربي؟، هل تملك قرارها أم أن القرار تستورده من دول خارج المنظومة العربية؟
من يتابع الأحداث بتمعن يشهد أن رفض المطالب الخليجية والعربية صدر من عواصم إقليمية قبل أن تتفوه الحكومة القطرية بكلمة واحدة، بل إن الأمر تجاوز الدول إلى أشخاص وكيانات محظورة على علاقة بالدوحة أعلنت رفضها لتلك المطالب وكأنها صاحبة القرار في الدوحة.
غدا تنتهي مهلة الأيام العشرة التي منحتها الدول العربية الأربع السعودية والإمارات والبحرين ومصر للقيادة القطرية لتنفيذ مطالبها الـ13، التي تضمن لها العودة إلى محيطها الخليجي والعربي معززة مكرمة بعد أن تنسلخ من كل ما يؤثر على العلاقات الأخوية بين دول المجلس وأشقائها العرب، ومع ذلك لا شيء يلوح في الأفق عن موافقة قطرية، بل ما نلحظه هو التعنت والمراوغة وإملاءات إقليمية من دول لا تريد الخير للمنطقة، وتدفع قطر إلى الرفض والخروج من منظومة مجلس التعاون الخليجي بل والخروج من المنظومة العربية والتغريد خارج سرب الأخوة والأشقاء.