رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الأوامر الملكية .. النظرة المستقبلية

في صبيحة يوم الأربعاء الموافق 26 رمضان، أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، من جوار المسجد الحرام، أوامر ملكية تمثلت في نقل ولاية العهد من الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز إلى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، إضافة إلى أوامر أخرى تم بموجبها تعيين مستشارين، وسفراء، وإعادة البدلات، والمكافآت التي تم إيقافها قبل بضعة أشهر، موظفي الدولة لكافة، من مدنيين، وعسكريين. والمتأمل في هذه الأوامر، وطبيعة المناصب التي استهدفتها يجد أنها ذات أهمية بالغة على الصعيد المحلي والدولي، لأن المملكة ليست جزيرة معزولة عن العالم، بل هي جزء منه، تؤثر في الآخرين في محيطها، وخارجه، وتتأثر بما يحدث في هذا العالم، سياسيا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا.
الأوامر صدرت صبيحة الأربعاء، بعد أداء الناس صلاتي التراويح، والقيام، وقد سبقت وسائل التواصل الاجتماعي وسائل الإعلام الرسمية في نقل الخبر، لتكون التعيينات محل حديث، وتحليل، ودعاء بالتوفيق، والسداد لكل من وقع عليهم الاختيار لشغل المناصب التي استهدفتها الأوامر، ولعل أهم هذه المناصب ولاية العهد، لما لهذا المنصب من أثر بالغ في الاستقرار، والطمأنينة الداخلية، والعالمية لأن سلاسة التغيير في أي بلد تعكس حالة الاستقرار التي يتمتع بها، في حين أن الإشكاليات التي تصاحب انتقال السلطة تشير إلى وجود مشكلات بنيوية في نظام الحكم في البلد الذي يكون فيه التغيير عسيرا، ولا يحدث إلا بعد صراعات قوية، كما كان يحدث في أوطان عربية شهدت انقلابات عسكرية دموية راح ضحيتها كثير من الأرواح، نتيجة الصراع على السلطة، وكما يحدث الآن ومنذ سنوات في بلاد ليست بعيدة عنا إذ أصبحت مرتعا للقتل والتدمير والتشريد.
الأوامر كما قلت تعكس السلاسة في الانتقال مع ما يعنيه ذلك من ثقة العالم بوطننا، وهذه الثقة تترتب عليها مكاسب سياسية، واقتصادية، إضافة إلى الطمأنينة الداخلية عند المواطنين، ومن يشاركوننا العيش على أرض الحرمين الشريفين.
الآلية التي استندت إليها الأوامر الملكية، النظام الأساسي للحكم، الذي يعطي الملك صلاحية إصدار الأمر، بعد تصويت هيئة البيعة، وكما ورد في الأخبار فإن نتيجة التصويت على تعيين الأمير محمد بن سلمان بلغت 31 صوتا من 34 صوتا، وهذه نسبة مرتفعة جدا.
من الملامح التي لاحظتها على الأوامر الملكية هو الاختيار من جيل الشباب، وتوقفي عند هذا الملمح يأتي منسجما مع طبيعة المرحلة التي يمر بها العالم، وبالأخص منطقتنا العربية، وما يجتاحه من حروب، ونزاعات تهدد بانقسامات لكثير من الدول، وتتمثل قيمة الاختيار من صف الشباب نظرا لما يتمتع به الشباب من حيوية، ونشاط، وهذا ما تتطلبه المرحلة، فالعمل الروتيني البطيء لا يتناسب، وطبيعة المرحلة التي تستوجب الديناميكية، والحيوية، وسرعة اتخاذ القرار، وسبر ورصد التحولات على الصعيد العالمي.
من المعلوم أن الشباب غالبا يتمتع بالطموح العالي، وما أحوجنا لهذه الخاصية عند من يتسنمون المناصب القيادية، ذات التأثير في التنمية، والتصنيع، ولعل ما يؤكد وجودها "رؤية 2030" التي طرحها الأمير محمد بن سلمان، الذي وقع عليه الاختيار وليا للعهد، فوطننا بإمكاناته الاقتصادية، ومكانته الإسلامية، وموقعه الجغرافي، وشعبه الطموح الذي يحمل رسالة للعالم، يحتاج إلى دماء الشباب القادرين على حمل الرسالة من خلال الخطط، والبرامج القوية التي تحقق أهداف القيادة العليا.
وأنا أقرأ خبر الأوامر الملكية تذكرت قصيدة شعرية كنا نرددها عندما كنا في المرحلة الابتدائية، وفيها بيت شعر يقول:
نحن الشباب لنا الغد ومجده المخلد. هذا البيت كان بمنزلة المحرك لي ولزملائي في المدرسة لنرسم أهدافنا المستقبلية، التي ربما حققنا جزءا منها، وربما لم نحقق البعض، لكن قيمة هذا البيت تتأكد في أن الشباب تكون له رؤيته التي تتناسب مع التغيرات المتلاحقة التي يمر بها العالم، التي لم تعد اختيارا، بل واقع يتطلب التكيف معه من خلال إيجاد الآليات المناسبة لذلك، وهذا ما يؤمل فيمن وقع عليه الاختيار لنحقق المجد الذي نتطلع إليه جميعا قيادة وشعبا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي