مركز الملك عبد الله للأبحاث البترولية: الرحلة الشاقة
لعله بسبب محاولة الرئيس الجديد نظمي النصر لتوضيح دور المركز على الأقل مع المهتمين تلقيت دعوة مع مجموعة من الاقتصاديين والكتّاب للاستماع إلى عرض ونقاش حول المركز وأبحاثه الاقتصادية. جاء تأسيس المركز كإحدى حلقات المنظومة النفطية خاصة والطاقة عموما ولكن بعد عشر سنوات من التأسيس اتسم المشروع ببطء في القيام بدوره. لا أعرف السبب هل هو لأن ثقافة البحث لدينا ناقصة مجتمعيا. وقد كان حضور وزير الطاقة كرئيس لمجلس الأمناء مع بداية النقاش مفاجأة سارة.
زراعة ثقافة البحث العلمي في المملكة تعاني لأسباب: أهمها في نظري أن البحث العلمي التطبيقي خاصة "الذي نحتاج إليه أكثر من النظري" تقوم على الحاجة الاقتصادية للدفع بالقيمة المضافة من خلال البحث، بينما لدينا ما زال المال وليس الإنتاجية هو الماكينة الحقيقية للاقتصاد. هناك سعوديون في المركز وخارجه على درجة من الكفاءة والرغبة ولكن إعادة هيكلة الاقتصاد لا تزال تحتاج إلى عمل ووقت ليكون البحث العلمي امتدادا طبيعيا للعمل الاقتصادي. بعيدا عن النقص الهيكلي كان النقاش يدور حول نقطتين أساسيتين، الأولى البحث عن الوسط المناسب بين الاستحقاق الوطني ــ تركيز الأبحاث على التحديات التي تواجه المملكة وبين الضغط الذي قد يشجع عليه الوافد أو من في ركابه بتدويل الأبحاث، ثمة تفصيل مهم في المنهجية كون الأبحاث نظرية أم تطبيقية؟ الثانية أن المركز منغلق ولم ينجح في التواصل والتعاون مع المؤسسات الأخرى.
يبدو أن الإدارة الجديدة تنبهت إلى النقص الاستراتيجي والإداري والتواصلي كما جاء في كلمة الرئيس وجاءت مداخلة وزير الطاقة لتعبر عن نيات وتوجهات لعلها تخدم المركز والمملكة بطريقة أكثر فعالية. ذكر الوزير أن أبحاث المركز سوف تركز على الطاقة والاقتصاد والبيئة وأن هناك حاجة للدفاع عن مركزية مصادر الطاقة الهيدروكربونية خاصة على أثر التطورات في مصادر الطاقة المتجددة وهذا دور آخر للدفاع عن مصلحة المملكة وأن هناك توجها ليقدم المركز استشارات للجهات الحكومية أسوة بالشركات الاستشارية العالمية، كان لافتا أيضا أن العرضين كانا عن الاقتصاد في الجوهر وخاصة محاولة إيجاد النموذج الأمثل للاقتصاد والعلاقة مع الطاقة.
ما زال هناك نقص في التفكير الجمعي، فإلى الآن لم نتمكن من تسخير الجهود لتصب في ماكينة - Saudi Inc - تتويجا للعمل الجمعي والجماعي. المؤكد أن للمركز دورا حيويا خاصة إذا بدأ بنشر أبحاث ذات موضوعية وعلاقة وثيقة مع السياسات وتنفيذها. البحث العلمي في الأخير نزعة فردية تحتاج إلى البيئة والحماية والتحفيز ومن ثم تسخيرها عمليا وهذا صلب دور الإدارة ومسؤولية مجلس الأمناء.