رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ما المقصود ببحوث التسويق؟

هناك خلط بين عدة مفاهيم في مجال التسويق قد تستخدم بالمعنى نفسه؛ نتيجة التشابه الكبير بينها، وأهم هذه المصطلحات ما يطلق عليه "بحوث التسويق"؛ فهناك خلط بين هذا المفهوم والبحوث الاستخباراتية، والبحث العلمي، والبيانات الداخلية. وحتى تتضح هذه الفروق علينا أن نعرض مكونات نظم المعلومات التسويقية، باعتبار بحوث التسويقي جزءا من هذا النظام. فإذا فهم نظام المعلومات التسويقي بمكوناته اتضح مصطلح بحوث التسويق، واتضحت أيضا الفروق بينه وبين بقية مكونات النظام مثل البيانات الداخلية والبيانات الاستخباراتية.
يتكون نظام المعلومات التسويقي من المدخلات، وفيها يتم تحديد نوعية البيانات المطلوبة من قبل متخذ القرار التسويقي. وهذا يتطلب الدخول إلى وحدة التشغيل في النظام التي تنقسم إلى ثلاث وحدات أساسية وهي: البيانات الداخلية، والبيانات الاستخباراتية، وبحوث التسويق. بعد ذلك وفي التشغيل أيضا تتم علمية تحليل البيانات حتى يتم تحويل البيانات إلى معلومات يستفيد منها متخذ القرار ويطلق عليها المخرجات، وبهذا فالنظام يبدأ وينتهي بمستخدم المعلومات.
ولكن ما المقصود بالبيانات الداخلية؟ وكيف تختلف عن البيانات الاستخباراتية وعن بحوث التسويق؟ البيانات الداخلية هي البيانات التي أعدت من قبل الشركة مثل: القوائم المالية، وعدد العاملين، وحجم المبيعات، والتكاليف بأنواعها. ويمتاز هذا النوع من البيانات بالدقة، وسهولة وسرعة الحصول عليها، كما أن معظمها بيانات كمية وتاريخية وبهذا تكون مصداقيتها عالية. ويتمثل دور نظام المعلومات التسويقي في إدخال هذه البيانات، وتخزينها، وتصنيفها وبهذا فهي لا تحتاج إلى موظفين ذوي مهارات وخبرات عالية؛ فيكفي أن يتقن الموظف عملية إدخال وتخزين البيانات لأنها (البيانات) معدة من قبل إدارات وأقسام الشركة كالمحاسبة، والمخازن، وإدارة الموارد البشرية.
أما البيانات الاستخباراتية فهي تتمثل في جمع وتحليل بيانات عن المستهلكين، والمنافسين، أو أي معلومات عن البيئة التسويقية الخارجية لمعرفة الفرص والتحديات. وقد سميت بيانات استخباراتية لأن الحصول عليها يحتاج إلى مهارات غير تقليدية لا تستخدم إلا في أجهزة المخابرات. ولذا فهذا النوع من البيانات يشوبه الشك وعدم الدقة ــــ عكس البيانات الداخلية ـــ لذا فهي تحتاج غالبا إلى قياس المصداقية قبل استخدامها. كما أن هناك صعوبة في الحصول عليها لخصوصيتها وسريتها وقد يتم جمعها بطرق غير أخلاقية كالتجسس ونحوه.
المكون الثالث من مكونات التشغيل في نظم المعلومات التسويقية هو بحوث التسويق. بعض من كتب عن بحوث التسويق يرى أنها لا تعد جزءا من نظام المعلومات التسويقي بل يراها منفصلة نتيجة أهميتها ولأنها تحتاج إلى مهارات البحث العلمي. كما أن هناك سببا آخر لفصل بحوث التسويق عن نظام المعلومات التسويقي، وهو أن الشركات تحتاج إلى بحوث التسويق عند ظهور مشكلة كانخفاض حجم المبيعات، أو ظهور منافس جديد في السوق، أو نحوهما، وهذا يختلف عن المصادر الأخرى للبيانات في نظم المعلومات التسويقية كالبيانات الداخلية.
إلا أن أبرز من كتب عن هذا في السنوات الأخيرة يرى أن بحوث التسويق جزء لا يتجزأ من وحدة التشغيل بنظام المعلومات التسويقي؛ لأنها تحتاج إلى البيانات الداخلية والبيانات الاستخباراتية في النظام لتحديد المشكلة ومقارنة النتائج وغيرها من الأمور، وسينظر إلى بحوث التسويق هنا كجزء من وحدة التشغيل في نظم المعلومات التسويقية.
تأخذ بحوث التسويق خصائص البحث العلمي، وبهذا فهي تتكون من أربع مراحل رئيسة هي: تحديد المشكلة، وجمع البيانات، وتحليل البيانات، وكتابة التقرير. وبحوث التسويق لا تقتصر مهمتها فقط عند ظهور مشكلة، بل يمكن أن تستخدم في عدة مجالات منها على سبيل المثال: التعرف على آراء ومواقف المستهلكين حول المنتجات المقدمة، وتحديد مستويات السعر الأكثر قبولا، والتعرف على أفضل منافذ التوزيع، تحديد أفضل وسائل الترويج الممكن استخدامها، واكتشاف الفرصة التسويقية.
والعاملون في بحوث التسويق يختلفون عن أولئك الذين يعملون في مجال جمع البيانات الداخلية أو البيانات الاستخباراتية؛ لأن المهارات المطلوبة لإنجاز بحوث التسويق تختلف بطبيعة الحال عن المهارات التي يحتاج إليها عند إعداد البيانات الداخلية أو البيانات الاستخباراتية. فالموظفون هنا يفترض أن تكون لديهم مقدرة على فهم واستخدام أساليب البحث العلمي، ومقدرة على استخدام أساليب إحصائية متقدمة لتحليل البيانات، وكذلك مهارات كتابة التقارير.
وقد تطورت مهمة بحوث التسويق لدرجة أن بعض المديرين يعتمدون على النتائج والتوصيات التي يتم التوصل إليها من قبل القائمين على البحوث ويتعاملون مع نتائج البحوث وكأنها حقائق يتخذون على أساسها قرارات دون إدراك ودون معرفة أن هذه النتائج قد بنيت على بيانات وتوقعات بها كثير من عدم التأكد، ويفترض ألا تؤخذ كنتيجة مسلم بها لأنها بنيت على أرقام تقديرية، ولهذا فالنتائج لن تكون دقيقة وتحتاج إلى مزيد من الحذر عند استخدامها.
وهذا الأمر ليس مقتصرا على الشركات الصغيرة أو المتوسطة بل يتعداه إلى الشركات الكبيرة. فعلى سبيل المثال استعانت "كوكاكولا" ببحوث التسويق لتتعرف على سبب انخفاض حصتها السوقية لمصلحة منافستها "بيبسي" ورأت أن المشكلة تتمثل في المذاق. أي أن انخفاض الحصة التسويقية لـ "كوكاكولا" سببه المذاق، لذا رأت أنه يجب تغييره. وقد أخذت بالفعل هذه النتيجة على محمل الجد وقامت بإجراء بحوث تسويقية عام 1985.
إلا أن النتائج في السوق لم تسر حسب المأمول، وقد قابل المنتج الجديد غضب عارم من المستهلكين مطالبين بالمنتج التقليدي للشركة، وكادت الشركة تتعرض لكارثة مدوية لولا أنها تداركت الأمر في اللحظات الأخيرة، حيث قامت بعدة استراتيجيات لتدارك الأمر منها تغيير مسمىNew Coke إلى Coke II ثم سحب المنتج الجديد New Coke من السوق تدريجيا.
هذا باختصار معنى مصطلح بحوث التسويق وكيف يختلف عن بقية المصطلحات المتشابهة له في مجال التسويق ولنا عودة ـــ بإذن الله ـــ بشيء من التفصيل إلى مصطلح "البيانات الاستخباراتية" في مناسبات مقبلة ــ إن شاء الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي