رفع الدعم «وقاية» .. والعقاب «علاج»
"الوقاية خير من العلاج" حكمة عظيمة ذات معنى عميق لها دلالات كثيرة وفوائد جمّة. هذه الحكمة يمكن تطبيقها على أي جانب من جوانب حياتنا المختلفة وستؤتي أكلها ولو بعد حين.
سأترك فوائد تطبيق هذه الحكمة وثمارها النافعة على صحة الإنسان والعلاقات الاجتماعية والبيئية وغيرها، سأترك ذلك لأهل التخصص من أطباء وإخصائيين اجتماعيين وخبراء في البيئة فهم أجدر بذلك.
أود في هذا المقال أن أجري هذه الحكمة وأطبّقها على مشكلة جوهرية تعانيها دول الخليج العربي؛ على وجه الخصوص، وبقية دول العالم المصدّرة للنفط ومشتقاته على وجه العموم. تهريب المشتقات النفطية مشكلة لا يمكن تجاوزها؛ بل هي جريمة لا يُستهان بها لما لها من تأثير سلبي ومباشر في اقتصاد الدول التي يتم التهريب منها والدول التي يتم التهريب إليها.
أعتقد أن كثيرين يتفقون معي أنها حالة غير صحية؛ بل جريمة يجب القضاء عليها ومحاربتها. قد نختلف في آلية القضاء عليها وهذا الاختلاف محل تقديري واحترامي. عندما طرحت رأيي ووجهة نظري حيال هذا الموضوع في وسائل التواصل الاجتماعي، هناك مَن اتفق معي وهناك مَن عاتبني عتاب المحب، ولكن استوقفني تعقيب على طرحي اتهمني تصريحا، بأنني أسهم في إلحاق الضرر بالمواطنين، وكأنني لست بمواطن بسيط يحب الخير لوطنه وأهله.
لكي يكون طرحي علميا وليس حبرا على ورق، سأرفق بعض الأرقام المهمة عن أسعار الوقود في دول الخليج كي تكون الصورة واضحة وجلية للقارئ الكريم.
سعر البنزين الممتاز في دول الخليج يراوح بين ٠,24 و٠,52 دولار لكل لتر. أما أسعار البنزين العادي فتراوح بين ٠,20 و٠,47 دولار لكل لتر. أخيرا نلاحظ أن الفجوة السعرية أكبر فيما يخص أسعار الديزل، فنلاحظ أن الأسعار تراوح بين ٠,12 و٠,53 دولار لكل لتر!
الأرقام تنص على أن أسعار الوقود الثلاثة السابقة هي الأرخص في المملكة العربية السعودية مقارنة بشقيقاتها في الخليج العربي. هذه الفجوة السعرية الكبيرة - من وجهة نظري - هي أكبر حافز يسيل له لعاب لصوص ومهربي النفط ومشتقاته.
من البدهي والمنطقي أنه إذا غاب الحافز سنقضي بشكل كبير جدا على هذه المشكلة. فتساوي الأسعار بين دول الخليج أو تقاربها هي الوسيلة الأجدى والأسرع لتحقيق ذلك. هذا لا يعني ألا تشدد الإجراءات الأمنية والتنظيمية والقانونية التي تردع هؤلاء اللصوص وتعاقبهم بشدة عند ارتكاب هذه الجريمة، إضافة إلى تطوير التقنيات عند الحدود لكشف هذا التهريب.
أعتقد أن هذا هو الحل الأجدى والقرار الأمثل للقضاء على هذه الجريمة في حق الوطن والمواطنين، لكني أتمنى أن يتم تطبيقه بالتزامن مع "حساب المواطن"؛ لتعويض المواطنين نقدا عند رفع الأسعار بسبب إلغاء الدعم سواء كان كليا أو جزئيا.