كلنا «رُسل» لبلادنا
أحد زملاء الدراسة، بعد أن تخرج في الجامعة، غادر المملكة لإكمال دراسته في الخارج. وقبل السفر كانت لديه بعض السلوكيات الخاطئة مثل بقية أقرانه في العمر ذاته، ولكن بعد أن وصل إلى البلاد التي اختار الدراسة فيها تغير إلى الأفضل، وتخلص من كثير من السلوكيات.
عاد إلى السعودية بعد أن أنهى الدراسة، وفي أول لقاء جمعني به وجدت شخصا مختلفا، حيث تغير للأفضل في كل الجوانب سواء التعليمية أو السلوكية، وعندما سألته عن السبب كان الجواب مذهلا.. يقول صاحبي "عندما غادرت السعودية عقدت العزم على أن أكون رسولا مشرفا لبلادي، وألا أسيء إلى المجتمع القادم منه من خلال تصرفاتي، فمن سألتقيه في الغربة من طلاب أجانب أو معلمين أو حتى من أجاور في السكن سيأخذون انطباعا عن بلدي ومجتمعي من خلال سلوكياتي، ومن هنا قررت التخلص من كل سلوك سيئ وأنا على متن الطائرة وقبل الوصول".
لا شك أن هذا الصديق محق في كل ما يقول، فكل مبتعث سواء للدراسة الجامعية أو الدورات التدريبية في الخارج وحتى "السياح" هم رُسُل بلدانهم، ويمكن أن ينقلوا صورة جيدة عن مجتمعاتهم أو العكس، فنحن هنا في السعودية نأخذ انطباعا عن المجتمعات الأخرى من خلال العمالة الوافدة لدينا، فكم من مجتمع نظرنا إليه نظرة جيدة من خلال عامل واحد عمل لدينا واختلط بنا، وكم من مجتمع نظرنا إليه نظرة سيئة بسبب سلوكيات أحد أفراده، وأجبرنا على عدم الاستقدام من بلاده مرة أخرى.
الأمر لا يقتصر على المبتعثين والسياح، بل حتى الدراما التي نصدرها للإخوة العرب يمكن أن تنقل الصورة الحسنة عن بلادنا أو العكس، ومع الأسف الشديد غالبية ما يطرح من مسلسلات وغيرها لا ينقل الصورة الحسنة عنا، وينقل جوانب سيئة، ويصور الحالات الفردية كظاهرة ويناقشها، وينقلها إلى الآخرين من الشعوب الأخرى على أنها طبيعة المجتمع وأفراده.
يجب أن نتوخى الحذر في تصرفاتنا وفي الأعمال الدرامية التي نصدرها، وأن ننقل إلى الآخرين طبيعة مجتمعنا وصفاته الجميلة والجيدة، فكلنا "رسل" لبلادنا سواء مبتعثين أو سياحا أو حتى ممثلين ومنتجين للدراما السعودية، وألا يكون تركيزنا على إضحاك المشاهد من خلال سلوكيات فردية مبتذلة، تدفع الشعوب الأخرى للنظر إلينا نظرة سيئة.