رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


السوق المالية السعودية والعالمية

مَن يتتبع تطور السوق السعودية من ناحية الأدوات والخدمات والتشريعات والقوانين، سيلاحظ تسارع كل هذه الأمور خلال السنوات الثلاث الماضية، في مسعى من هيئة سوق المال و"تداول" إلى نقل سوق الأسهم السعودية "تاسي" من سوق تغلب عليها المضاربة والتداولات المتلاعبة، وتوجد فيها مجالس إدارات مستغلة، وإدارات تنفيذية ضعيفة، إلى سوق تزيد فيها نسبة المستثمرين، وتزيد فيها الرقابة على أعمال مجالس الإدارات والتنفيذيين، عن طريق فرض مزيد من الحوكمة وتقليل التلاعبات في حركة الأسعار.
تشمل "رؤية المملكة" تطوير سوق المال لتصبح أكثر تقدما وانفتاحا على العالم، وذلك لتتطور لدينا صناعة إدارة الأصول والتمويل والاستثمار، وهي صناعة فيها تنافسية عالية، لكن مع حجم الأصول المدارة في السعودية، أعتقد أن بالإمكان إنجاح هذا الهدف في حال استمر التطوير. إن من الواضح عزم هيئة سوق المال و"تداول" نحو رفع كفاءة "تاسي"، وتعزيز الثقة من قبل المستثمرين فيها، وإن كان هنالك الكثير من العمل ليتم حتى تصل الثقة إلى درجة مرضية، إن إحدى أهم مراحل هذا التطور هي نجاح السوق في الخروج من قائمة غير مصنفة، "وهو أقل درجة في التصنيفات"، والانضمام إلى مؤشر الأسواق الناشئة، وهو الأمر المتوقع حدوثه السنة المقبلة بعد إدراجه تحت قائمة المتابعة هذه السنة، وإن كنت أعتقد، وبعد كل التعديلات التي أدخلت إلى السوق مثل تعديل مدة التسوية، وتخفيف المتطلبات على المستثمرين الأجانب وغيرهما، أنها سوف - وبلا شك - تضمن للسوق الانضمام إلى هذا المؤشر، وأهمية هذه الخطوة أنها تضع السوق في تصنيف له أصول حول العالم، وتستثمر في كل الأسواق التي تدخل في هذا المؤشر، والتي منها على سبيل المثال الصين، تركيا، البرازيل، اليونان، روسيا، المكسيك، الهند، وكوريا، وغيرها الكثير، ومن الدول العربية التي سبقتنا مصر والإمارات وقطر، لذا هنالك دول عظمى أسواقها ما زالت تحت هذا التصنيف. ومن المتوقع أن يصل حجم وزن السوق من المؤشر إلى حدود 4 في المائة، لكن مع نجاح اكتتاب "أرامكو" وإدراجها في سوقنا سيرتفع وزن السوق إلى أعلى من تلك النسبة. وعليه، فإن نسبة من الأصول والصناديق العالمية التي تستثمر في شركات وأسواق هذا المؤشر ستخصص جزءا من أصولها له، وحسب السياسة الاستثمارية لكل صندوق، فمنها ما يستثمر في الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومنها ما يستثمر في المؤشرات، ومنها في قطاعات مثل البنوك وغيرها. ومن ملامح مستقبل السوق السعودية أن تجذب إدراجات لشركات من خارج السعودية؛ لتكون مركز جذب ومنافسا لدخول مزيد من الشركات المميزة سواء في الخليج أو في منطقة الشرق الأوسط، وبهذا يزيد تنوع السوق وحجمها، وتزيد جاذبيتها لاستقطاب الأصول المستثمرة بحكم الحجم والعمق، ولتكون إحدى الأسواق المهمة في العالم، ولا ننسى طرح الشركات الناشئة من عمليات الخصخصة، التي ستلعب دورا مهما في الاقتصاد، وكذلك قيمة سوقية داخل المؤشر، وهو ما سيزيد من حجم القيمة السوقية في نهاية الأمر.
هنالك الكثير من عدم الرضى لدى شريحة المتداولين حول بعض القرارات، التي من أهمها تعديل وحدات تغير الأسعار، في إشارة إلى فقدان بعض فئات المتداولين إلى مكاسب كانت تتحقق لهم من فرق النسبة الكبير نوعا ما بين أول عرض وأول طلب، حيث كانوا يستفيدون من هذه النسبة بتحقيق مكاسب صغيرة فقط عن طريق الشراء من أقرب طلب والبيع على أول عرض، والكثير كذلك اعتقد أن هذا القرار سيقتل المضاربة؛ بسبب كثرة العروض والطلبات، لكن وفي اعتقادي أن المكاسب المتحققة من هذا القرار أهم وأكبر من هذه السلبيات؛ حيث إن تعديل الوحدات لتصبح أقل له عدة فوائد، منها تقليل المخاطر جراء الفروق بين الطلب والعرض، وكذلك ليتناسب هذا الإجراء مع جميع الأسواق في العالم في خطوة استباقية من "تداول" لجذب المستثمرين، والانضمام إلى مؤشر الأسواق الناشئة، وإن كنت أعتقد بضرورة تعديل القيمة الاسمية للأسهم، وهو ما سيحدث لاحقا "توقع شخصي".
وختاما، السوق التي نعرفها اليوم ستتغير بشكل لن يتوقعه أغلب المتابعين بعد خمس سنوات، سواء من ناحية الحجم والقيمة، أو من ناحية الأدوات وحجم الأصول، وكتوقع ستشهد السوق نهضة قوية، وارتفاعات تطول أغلب شركاتها قبل وصولنا إلى قمة تطورها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي