رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


سعي الشركات الكبرى لخريطة طريق جديدة للطاقة

السؤال المطروح اليوم على شركات النفط العالمية هو : كيف ينبغي أن تستجيب للدفع العالمي باتجاه الطاقة المنخفضة الكربون؟ وهذا سؤال أساس لهذه الصناعة، مع عدم وجود إجابة واضحة. في الوقت الذي تركز فيه بعض الشركات الكبرى على كونها أفضل مورد للنفط والغاز، يحاول عدد من الشركات الأوروبية ــــ توتال، ورويال دتش شل، وشتات أويل ـــ رسم مستقبل لنفسها مختلف جذريا. المشكلة هي أنهم، مع كثير من المتغيرات الحاصلة، لا يعرفون أين يضعون استثماراتهم، أو أي نموذج أعمال يستخدمون. النماذج التقليدية التي تنطوي على تنفيذ وتشغيل مشاريع النفط والغاز العملاقة تعمل إلى حد ما، لكن مشاريع الطاقة منخفضة الكربون تتطلب على نحو متزايد نُهجا مبتكرة تجمع بين التقنيات الجديدة والرقمية – وهنا شركات النفط لا تزال تتحسس طريقها.
في هذا الجانب، أعرب الرئيس التنفيذي لشركة شل عن أسفه لأنه "من الصعب جدا الحصول على عدد كاف من الفرص الاستثمارية التي تبدو منطقية وذات جدوى"، حتى مع أنه يتوقع أن تكون الطاقة الشمسية "العمود الفقري الرئيس لنظام الطاقة" في النصف الثاني من القرن، وأن شركته ستكون "لاعبا رئيسا" في هذا المضمار. تسعى شركة شل إلى إنفاق نحو 200 مليون إلى مليار دولار سنويا هذا العقد على وحدة الطاقات الجديدة التي استحدثتها أخيرا، أو نحو 3 إلى 4 في المائة من إجمالي نفقاتها الرأسمالية. في حين خصصت شركة شتات أويل نحو 500 مليون دولار من ميزانيتها هذا العام لمشاريع الطاقة المتجددة، أو نحو 4.5 في المائة من إجمالي نفقاتها الرأسمالية، وتهدف بالوصول إلى 15 ـــ 20 في المائة بحلول عام 2030.
إن تقنيات الطاقة الحديثة التي تنطوي على تطوير مشاريع كبيرة، مثل الوقود الحيوي، احتجاز الكربون وتخزينه، ومزارع الرياح البحرية لها جاذبية خاصة لشركات النفط الكبرى، لأنها تقع ضمن مجال عملها الحالي. في حين يمكنها أن تستغل بعض نقاط قوتها في مشاريع أخرى، مثل مزارع الرياح والطاقة الشمسية البرية، وخاصة إذا ما كانت تنطوي على حلول هجينة ـــ تجمع بين الغاز الطبيعي، والطاقة الشمسية وتخزين البطارية. ولكن حجم المشاريع الكبيرة يمكن أن ينطوي أيضا على مخاطر كبيرة، على سبيل المثال مشاريع احتجاز الكربون وتخزينه، وبدرجة أقل الوقود الحيوي تكافح من أجل الحصول على دعم السياسات اللازمة للانطلاق، على الرغم من استثمار مليارات الدولارات.
بالنسبة لمزارع الرياح والطاقة الشمسية، هناك كثير من الشركات الأخرى ذات الخبرة في هذا المجال، وخاصة شركات التوليد الكبيرة، ما جعل السوق بالفعل مشبعة. ومن غير الواضح أن المشاريع الكبرى ستبقى الدعامة الأساسية لعالم الطاقة الجديد، حيث إن صناعة الطاقة الشمسية تدفع باتجاه النموذج اللامركزي أو المحلي، بحيث يجمع المستخدمون بين الألواح الشمسية وتخزين البطاريات والسيارات الكهربائية، في حين يستخدمون التقنيات الرقمية لإدارة شبكاتهم وتبادل الطاقة مع الشبكة الرئيسة.
على الأرجح، سيتطلب النجاح على المدى الطويل مزيدا من الحلول المبتكرة. في هذا الصدد، تتخذ شركة شل و«شتات أويل» نهجا واسع النطاق، حيث تختبران وتكتسبان خبرة في مجموعة من الأفكار والأنشطة، مع تجنب الالتزام ـــ والتكاليف العالية ــــ في الاستثمارات التقليدية الواسعة النطاق. في حين أن لدى شركة توتال رؤية أوضح حول كيف تصبح مزودا لحلول الطاقة المتجددة، ولكنها أقل وضوحا بشأن ما سيترتب على ذلك بالضبط. وبوجه عام، إن مثل هذه الاستراتيجيات توفر مخاطر منخفضة، تكاليف منخفضة، وعوائد جيدة محتملة، ولكنها قد لا تكون كافية لإعطاء الشركات دورا كبيرا في هذه الصناعة الناشئة.
ومن المفارقات أن هذا النهج لا يستفيد أيضا من الميزات الرئيسة لشركات النفط الكبرى المتمثلة في الميزانيات القوية، والتصنيفات الائتمانية الجيدة، والخبرة التقنية والإدارية. وستركز شركة شل على المواقع التي لديها بالفعل مشاريع أساسية ويمكنها استخدام البنية التحتية القائمة، مثل تعزيز استخلاص النفط في منطقة الشرق الأوسط باستخدام تقنية الطاقة الشمسية المركزة، مزارع الرياح البرية في الولايات المتحدة وهولندا، وخلايا الهيدروجين للنقل في ألمانيا، والولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وترى شركة شتات أويل أن المستقبل سيشمل حلولا أكثر تعقيدا تجمع بين تكنولوجيات متعددة، وهذا يمثل فرصة للشركة.
في الوقت الذي كانت فيه معظم الشركات الكبرى تخوض تجارب في استثمارات صغيرة، كانت شركة توتال على استعداد لإجراء عمليات استحواذ أكبر، وقامت بشراء حصة الأغلبية لمصنع الألواح الشمسية صن ـــ باور Sun Power، مصنع البطاريات صافت Saft، وشركة تزويد الكهرباء للمناطق السكنية لامبيريس Lampiris. لا ترى الشركة مستقبلها في مجال التصنيع، ولكنها ستعتمد هذا كجزء من خدماتها لزبائن الطاقة، جنبا إلى جنب مع إدارة المشاريع، والتمويل وخدمات العملاء، إضافة إلى مهارات جديدة في مجال التكنولوجيا الرقمية. وتسعى الشركة لتوفير الألواح الشمسية والبطاريات للزبائن في قطاعي الصناعة والأعمال، وربما للقطاع السكني مع توفير تمويل ـــ مشابه إلى نموذج صانعي السيارات في بيع وتمويل السيارات الجديدة.
في المستقبل، من المحتمل أن تستخدم شركات النفط الكبرى إمكاناتها المالية للاستحواذ على شركات كبيرة للطاقة المتجددة بمجرد ظهور تفوق واضح لإحداها. ولكن من غير المرجح أن تأخذ شركات النفط الكبرى هذا المنحى في أي وقت قريب، حيث لا يزال أمام الطاقة المتجددة الكثير للنجاح على نطاق واسع. وكما هو الحال في القطاعات الأخرى، من المرجح أن ينطوي نموذج الطاقة المستقبلي على مزيج من الإنتاج وتكنولوجيا المعلومات، ولكن في هذه المرحلة، من غير الواضح أنه سيحقق أرباحا كبيرة – مثل شركات الكهرباء، السيارات، أو مشغلي التكنولوجيا مثل "أبل" و"جوجل" اللتين استفادتا من الطفرة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي