المدارس الحكومية أحوج لـ «تدرج»
جميلة تلك الخطوة التي أقدمت عليها وزارة التعليم من خلال برنامجها الذي سمته "تدرج"، وأطلقته منتصف الشهر الماضي. ويهدف البرنامج إلى رفع كفاءة مباني التعليم الأهلي، وتشجيع تحسين البيئة التعليمية في المدارس الأهلية، ولكن الأجمل من كل هذا لو أن الوزارة بدأت في تحسين كفاءة مباني المدارس الحكومية التابعة لها، التي لا يتوافر في كثير منها أبسط درجات الكفاءة أو الأمان أيضا، فما زالت المباني المستأجرة ــ بعضها رديء وقديم ــ تقض مضاجع الطلاب وأولياء أمورهم، بل يعاني منها أيضا المعلمين والمعلمات.
كتبت مقالا بداية الترم الدراسي الثاني عن مبنى لإحدى المدارس الابتدائية للطالبات يعاني سوء في شبكة الكهرباء، ما يجعله عرضة دوما لحدوث انقطاعات متكررة، و"تماس كهربائي" يهدد حياة الطالبات، وذكرت في المقال أن المدرسة أخلت طالبتها أكثر من مرة، وكنت شاهدا على تلك الأحداث بحكم أن طفلتي الصغيرة تدرس في المدرسة، وأثلج صدري اتصال تلقيته من أحد المسؤولين في الوزارة يستفسر عن اسم المدرسة وموقعها، وتوقعت أن تكون هناك حلول عاجلة لمشكلة الكهرباء في المدرسة المذكورة، ولكن العام الدراسي انقضى ــ مع الأسف الشديد ــ ولم تزر المدرسة أي مسؤولة من الوزارة لتتأكد من المشكلة وتضع لها حدا، خاصة أن سوء شبكة الكهرباء مشكلة كبيرة ولا يمكن التهاون فيها أو تبسيطها وتسطيحها، وفي الغالب تنذر بخطر حريق قد يهدد حياة الطالبات والمعلمات ــ لا سمح الله.
لا بأس لو حسنّا من كفاءة المباني الدراسية الأهلية التي تكفل لها بيئة تعليمية عالية الجودة، ولكن البداية يفترض أن تكون عبر المدارس الحكومية، فهي الأكثر وهي الأحوج لمثل تلك البرامج كـ "تدرج"، فمن يقرأ سعي الوزارة إلى تحسين البيئة في المدارس الأهلية يخيل له كل مدارس الوزارة عالية الجودة ولا تحتاج لمثل تلك التدخلات، لكن الواقع يقول عكس ذلك، فالمباني المستأجرة في كل مدينة وقرية، وبعضها قديم ورديء ولا يملك أبسط مقومات الأمان، فما بالك ببقية المقومات التعليمية الأخرى، التي تكفل تعليما عالي الجودة.